منذ ظهور العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذى تحل ذكرى وفاته فى مارس من كل عام، حيث رحل عن عالمنا فى 30 مارس من عام 1977، استطاع أن يستحوذ على قلوب الملايين على مر الأجيال، ومنذ بداياته كان فتى أحلام الكثير من الفتيات فى مصر والعالم العربى، اللاتى تعلقن بصوته العذب وأغانيه الرومانسية، حتى وصل الأمر فى كثير من الحالات إلى حد الجنون، وإلى انتحار بعض الفتيات عند سماعهن خبر وفاته.
ولم يحُذْ العندليب هذه المكانة بعد شهرته الواسعة فقط، ولكن منذ بداياته، وهو يواجه العديد من المواقف مع المعجبات، حتى أنه كتب مقالا نشرته مجلة الكواكب عام 1954 تحت عنوان "قصص حائرة من حياتى" تضمن العديد من مواقفه مع المعجبات.
ومما كتبه العندليب حكاية عن أولى هؤلاء المعجبات والتى وصفها فى مقاله بأنها ذهبية الشعر رقيقة الملامح والنبرات، تبدو وكأنها تلميذة فى مدرسة، وجاءت ذات ليلة لتصافحه فى كواليس أحد المسارح، وطلبت منه أن يوقع لها على أوتوجراف، لاحظ أن كل أوراقه بيضاء، فوقع لها ولاحظ أنها تريد أن تقول شيئا، ولكن منعها الخجل ومضت مسرعة.
وأشار حليم إلى أن الفتاة عادت فى اليوم التالى ومعها نفس الأوتوجراف، وطلبت منه أن يوقع فى ورقة ثانية منه، فسألها لماذا لو يوقع أحدا غيره على هذا الأوتوجراف، فأجابت بخجل أنها لم تقابل فنانين غيره، ولكن الفتاة عادت فى الليلة الثالثة وطلبت منه نفس الطلب، قائلة: "ما تحاولش تسألنى عن حاجة أنا جبت الأوتوجراف علشان تمضيه انت كله"، فقال لها العندليب ضاحكا: "طيب أمضيه كله مرة واحدة ونريحك من المشاوير"، فأجابت الفتاة بصوت مختنق: "يعنى مش عاوزنى أجى علشان أشوفك"، وقبل أن يجيبها مضت مسرعة.
وأشار العندليب إلى أنه ظل يرى هذه الفتاة تأتى كل يوم لتراه من بعيد، وكلما حاول التحدث معها لإزالة سوء الفهم الذى حدث مضت مسرعة، وقال العندليب إنه أراد أن يخبرها بأن له حبيبا واحدا لن ينساه ولا يفكر فى غيره وهو فنه ومستقبله.
أما المعجبة الثانية فسماها العندليب مجنونة بورسعيد، حيث كانت دائمة الاتصال بالإذاعة فى الليلة التى يسجل فيها حليم أغنياته لتتم إذاعتها فى اليوم التالى، وتطلب من مسئول الإذاعة أن تبقى على الهاتف لتسمع صوت حليم وهو يغنى مهما كلفتها المكالمة من أموال، ولكن مسئول الإذاعة كان يخبرها بصعوبة ذلك، ورغم هذا كانت تصر يوميا على أن تفعل نفس الشىء، حتى إنها ذهبت إلى نقابة الموسيقيين لتبحث عنه، وأرسلت له عشرات البرقيات لتطلب أن تبقى على هاتف الإذاعة أثناء تسجيل أغنياته، فرد عليها بصعوبة ذلك، فما كان منها إلا أن بدأت ترسل لها برقيات عتاب، وصل إلى حد السب والقذف.
وحكى العندليب عن معجبة أخرى وصل بها حد الإعجاب إلى درجة الجرأة المجنونة، وقابلها فى إحدى الحفلات الخاصة وكانت دائما تقول له عبارات الإطراء التى يخجل منها وتتابعه فى كل حفلاته حتى أنها دعته فى إحدى المرات للغداء فى بيتها، فاعتذر حليم مشيرا إلى أنه مرتبط بدعوة أخرى، فعرضت عليه أن تذهب معه فتهرب منها، واستمرت تطلب منه أن يلبى دعوتها للغداء أو العشاء أو السينما، وكان يرفض دائما، ثم أخبرها بأنه لا يقبل دعوات من أحد.
وأشار العندليب إلى أن هذه المعجبة قالت له بجرأة: "طيب أنا هاقولك عاوزة إيه بصراحة أنا عاوزة أتجوزك وعندى أملاك وأموال سأضعها تحت تصرفك"، فتعجب العندليب من جرأتها، وأخبرها بأنه لا يفكر فى الزواج لأنه ليس له حبيب سوى الفن ولا يفكر سوى بمستقبله الفنى، وعندما يئست هذه المعجبة من استجابة العندليب ظلت تطارده فى كل مكان وتحاربه بالشائعات، وتقول عنه إنه مطرب فاشل.