شاء الله أن يتزامن رحيل الفنان جورج سيدهم مع اليوم العالمى للمسرح، الذى أغلق كل أبوابه فى العالم أمام محبيه؛ بسبب الأزمة التى يمر بها العالم أجمع تلك الأيام، وهى تفشى فيروس كورونا، وكأن سيدهم يأبى أن يعيش لليوم الذى يرى فيه خشبة "أبو الفنون" خالية من ممثليها، ومقاعد المتفرجين فارغة، وأُطفئت أنواره، وراحت البهجة التى يحدثها فى نفوس الجماهير.
كان جورج سيدهم يجيد فن الارتجال، والتحق بالمسرح الجامعى بعد أن أقنعه كل من حوله أنه يمتلك موهبة التمثيل والإضحاك، وعلى الرغم من أنه قنبلة كوميدية متحركة إلا أنه قدّم على مسرح الجامعة عددا من أشهر الأعمال التراجيدية، منها «عطيل»»و«ماكبث».
ولموهبته الملموسة سرعان ما تقلد رئاسة فرقة «السمر» المسرحية بجامعة عين شمس، وهى الفرقة التى كانت سببا فى تعرفه على رفيق دربه الفنان سمير غانم، الذى كان رئيسا لفرقة «سمر» المسرحية بجامعة الإسكندريةن وقتها شعر كل منهما أن هناك رابطا مشتركا يجمع بينهما، ألا وهو حبهما للمسرح وتمتعهما بالقبول الجماهيرى، فقررا التعاون معا فى تقديم أعمال للمسرح الجامعى، فقدما مسرحيات لكبار الأدباء المصريين، منهم: صلاح عبد الصبور ونجيب سرور.
كوّن جورج بالاشتراك مع سمير غانم والضيف أحمد فرقة "ثلاثى أضواء المسرح"، التى استطاعت أن تعلن عن نفسها وسط أكبر الفرق المسرحية لكبار النجوم، أبرزها: فرقة إسماعيل ياسين، وفرقة نجيب الريحانى، وفرقة المتحدين لنجم الكوميديا فؤاد المهندس، وتميزت أضواء المسرح بالتنوع فى موهبة الثلاثى، فلكل منه ما يميزه، إلا أن جورج كانت له مهاراته فى استخدام تعبيرات وجهه، وحركاته الرشيقة على المسرح رغم بدانته، حتى فى أصعب الفترات التى مرت بها مصر وهى نكسة 67 وما أصاب الحركة الفنية فى مصر من فتور، اتفق الثلاثى، وعلى رأسهم جورج، على أن العمل هو أفضل طريق للخروج من تلك الكبوة، وبالفعل عاد الجمهور للمسرح، وأنقذه الثلاثى من الركود الفنى.
ومن المحطات الحزينة فى حياة جورج لحظة حريق مسرح «الهوسابير» الذى كان يملكه فى مطلع التسعينات، مما أصابه بحزن شديد لم يستطع أن يتحمله، وأجرى عملية تغيير لأحد شرايين القلب، بعدها أعاد بناء المسرح من جديد، وقدم مسرحية «نشنت يا ناصح» إخراج عبد المنعم مدبولى، عام 1995، بعدها فقد مسرح الهوسابير للأبد بعد أن قام شقيقه برهنه دون علمه، ليضيع منه عشقه الأبدى عام 1997، وأصيب بجلطة بعد صدمته فى شقيقه الذى أخذ أموال الفرقة التى كان يعمل بها، وهاجر إلى أمريكا، وذلك بحسب صديق عمره الفنان الكبير سمير غانم.