دائما ً يكون للفن دور كبير فى تجسيد فرحة النصر وبث روح الحماس فى الأوقات الصعبة من خلال الأعمال الفنية التى يقدمها أهل الفن ويواكبون بها ما تعيشه أوطانهم من أحداث.
وخلال أوقات الحروب يقدم أهل الفن الكثير من الأعمال الغنائية والسينمائية والتلفزيونية والمسرحية التى تعبر عن مشاعر المواطنين وما يقوم به الجنود من تضحيات ويعبر الفن عن مشاعر الفرحة بالنصر ويجسد البطولات من خلال الأعمال الفنية لتى لولاها ما عرف الناس أحداثًا وتفاصيل كثيرة عن أحد أهم الأحداث الفارقة فى تاريخ مصر والأمة العربية.
ورغم دور الفن فى أوقات الحرب وحرص الفنانين على الوقوف إلى جانب الجيش خلال هذه الأحداث الحاسمة بأعمالهم الفنية، إلا أن الكثيرين منهم لم يكتفوا بهذا القدر وتجاوز عطاؤهم حدود الأعمال الفنية والغناء والتمثيل، وقدموا تضحيات أكبر وجادوا بالغالى والنفيس وضحوا بأعز الأحباب فداء لتراب الوطن.
وكان من بين هؤلاء الفناانين الذين ضحوا بأغلى مافى حياتهم فداء للوطن الفنانة الكبيرة شريفة فاضل الشهيرة بأم البطل والتى استشهد ابنها وأول فرحتها الشهيد طيار سيد السيد بدير فى حرب الاستتنزاف فتوقفت عن الغناء من شدة الصدمة، وعندما عبر الجيش وانتصر قررت أن تغنى لكل أمهات الأبطال، فغنت أصدق أغانى الحرب وهى أغنية «أم البطل» والتى رسخت فى وجداننا ولمست قلوب أجيال معبرة عن مشاعر أمهات الأبطال، فكانت أصدق ما سمعناه ورددناه عن أم البطل، سواء فى الانتصارات أو مع صعود الشهداء الأبرار إلى الجنة.
أما الفنان الراحل محمود الجندى والذى عبر عن بطولات الجنود فلم يكن يمثل فيلم «حكايات الغريب»، فقد قضى سنوات من عمره فى الجيش خاض خلالها حربى الاستنزاف وأكتوبر المجيد وعاش خلالها مئات المواقف والحكايات للجنود المحاربين الأبطال، لذلك كان خير من جسد بطولات وحكايات الجنود المجهولة من أبطال حرب أكتوبر وبطولات ونضال شعب السويس.
وكان محمود الجندى دائما يقول إن الفترة التى قضاها فى الجيش هى أحسن 7 سنوات فى حياته، مشيرا إلى أنه تم تجنيده كضابط احتياط وكان من زملائه فى الجيش خلال هذه الفترة المخرج عاطف الطيب والمصور أحمد عسر.
وكان مجندا فى القوات الجوية قائلا: «لفيت مطارات مصر كلها، وكنا بنطلع طلعات جوية كتير ونعود وقد فقدنا زميل أو اثنين، فعانيت من مرارة الفقد وتعلمت كيف أكتم مشاعرى وعواطفى فى سبيل هدف كبير».
أما الفنان حسن عابدين فلا يعرف الكثيرون الجانب النضالى فى حياته والذى بدأه قبل أن يكمل سن 17 عاما عندما سافر عام 1948 إلى فلسطين لينضم إلى المقاومة ضد الصهاينة وبالفعل قتل اثنين منهم وحكم عليه بالإعدام، حتى استطاع الهرب أثناء المحاكمة.
ولم تقتصر تضحيات حسن عابدين على نضاله فى حرب 48 ولكنه ينتمى إلى أسرة قدمت أكثر من محارب وبطل، وتوفى شقيقه الأكبر أثناء دراسته بكلية الشرطة، وله أخ مستشار وأخ مهندس زراعى ورابع لواء مهندس شارك فى حرب أكتوبر، وشقيقه الأصغر ممدوح كان ضابط احتياط، واستشهد فى حرب 73.
كما قضى الفنان لطفى لبيب 7 سنوات من عمره مجنداً فى القوات المسلحة أثناء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، وتم أسر شقيقه الأكبر أثناء حرب أكتوبر وفى نفس الوقت كان لبيب محاصراً فى الثغرة، وبعد الحرب سجل الفنان لطفى لبيب تجربته فى كتاب "الكتيبة 26" يحكى فيه عن كل ما رآه خلال هذه الفترة.