تمر اليوم ذكرى ميلاد الفنانة الاستعراضية الجميلة نعيمة عاكف، التى ولدت فى مثل هذا اليوم الموافق 7 أكتوبر من عام 1929، ورغم أنها عاشت حياة قصيرة وتوفيت قبل أن يتجاوز عمرها 36 عاما إلا أنها تركت بصمة كبيرة فى عالم الفن والاستعراض، وحققت شهرة وصلت للعالمية، حيث فازت بلقب أحسن راقصة فى العالم من مهرجان الشباب العالمى بموسكو عام 1958.
هى لهاليبو وتمر حنة والفنانة خفيفة الظل ثقيلة المواهب، وكانت من أكثر النجمات حضورا وجماهيرية، وفضلاً عن مواهبها المتعددة كانت نعيمة عاكف تتمتع بأخلاق عالية وصفات جعلتها تدخل قلب كل من عرفها، ورغم خفة ظلها وابتسامتها الدائمة التى عشقها الجميع كانت حياتها سلسلة من العذاب منذ طفولتها وفى نهاية عمرها، تخللتها فترات سعادة لم تدم كثيرا.
عرفت الشقاء منذ طفولتها وعلمت نفسها بنفسها، ولدت وبدأت حياتها فى سيرك والدها بطنطا عام 1929، وكانت الابنة الرابعة التى لم يفرح والدها كثيرا بمولدها بعد شقيقاتها الثلاث، وكان يتمنى أن تكون ذكرا.
تدربت نعيمة عاكف فى سيرك والدها منذ كان عمرها 4 سنوات، وتفوقت على شقيقاتها حتى أصبحت بطلة السيرك، ولكن والدها تعرض للإفلاس، فانتقلت نعيمة مع والدتها وشقيقاتها إلى القاهرة.
رفضت الأم أن تعمل مع بناتها فى الصالات التى شعرت بأنها أرادت استغلالهن استغلالا مشينا وبدأت الفتيات الأربعة يقدمن عروضا فى الشارع حتى يجدن ما يسد جوعهن ويعينهن على الحياة، حتى شاهدهن على الكسار فضم نعيمة إلى فرقته، فتميزت فى الفرقة واستعانت بها بديعة مصابنى، حتى شاهدها عدد من المخرجين واستعانوا عام 1948، من خلال فيلمَى "حب لا يموت" "آه يا حرامي"، وفى عام 1949 ظهرت كراقصة فى فيلم "ست البيت"، وأعجب بها المخرج حسين فوزى وتعاقد معها على عدد من الأفلام، وتزوجها.
قدمت نعيمة عاكف مع زوجها حسين فوزى ما يقرب من 15 فيلما، منها: "بلدى وخفة، بابا عريس، فتاة السيرك، جنة ونار، تمر حنة، يا حلاوة الحب، أحبك ياحسن"، وبعد عشرة أعوام من الزواج انفصلت نعيمة عن زوجها فى هدوء، ثم تزوجت من المحاسب صلاح الدين عبد العليم وأنجبت منه ابنها الوحيد محمد صلاح الدين عبد العليم، ولأنها فاتتها فرصة التعليم فى صغرها عوضت ذلك بالاستعانة بمدرسين لتعليمها اللغة العربية والإنجليزية والفرنسية حتى أتقنت اللغات الثلاث.
لم تتحدث نعيمة عاكف كثيرا عن علاقتها بربها، ورفضت فى إحدى المرات أن يلتقط لها أحد المصورين صورة وهى تصلى، وقالت له إن الصلاة علاقة بينها وبين ربها لا يجب أن تتاجر بها أو تكون محلا للنشر فى الصحافة.
كما كانت الفنانة الاستعراضية تبتعد عن الأجواء الصاخبة وعدسات كاميرات المصورين، خلال شهر رمضان، وتفضل أن تقضى أغلب أوقاتها فى الاعتكاف والالتزام بالصلاة وقراءة القرآن.
وعرفت نعيمة عاكف طوال حياتها بحبها لزيارة مساجد الأولياء الصالحين وخاصة مسجد السيدة نفيسة.
ورغم ما وصلت له من شهرة عالمية تميزت نعيمة عاكف بالتواضع والأخلاق العالية واحترام زملائها، وعندما سألها أحد الصحفيين عن أحسن راقصة فى نظرها، فأجابت عاكف على الفور أنها ترى تحية كاريوكا وسامية جمال وزينات علوى أحسن راقصات، بينما لم تذكر أنها يمكن أن تكون ضمن أحسن الراقصات.
وأجابت عن سؤال عن حكمتها المفضلة قائلة: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".
وبعد زواج نعيمة عاكف الثانى قاطعت بدلة الرقص، وكانت تقضى أغلب أوقاتها مع ابنها الوحيد، وأثناء مشاركتها فى فيلمى "أمير الدهاء" و"بياعة الجرايد" عام 1963 شعرت بالإعياء، واكتشفت إصابتها بسرطان المعدة، ورغم ذلك خرجت من المستشفى، لتستكمل الفيلمين، وبعدها عانت الفنانة الشابة أشد المعاناة مع المرض، لمدة عامين لا يدرى أحد كيف كانت تناجى ربها وكيف تقربت إليه وماذا تحملت وهى تستعد للرحيل، بينما ترى ابنها الذى لم يتجاوز 4 سنوات يتشبث بها، ولا يدرك أنها ستفارقه مبكرا، وبالفعل رحلت الجميلة عام 1966، وكان آخر ما نطقت به اسم "محمد" ابنها الذى فارقته قبل أن تشبع من حبه ويشبع من حنانها، وفارقت نعيمة عاكف الحياة بعد رحلة قصيرة اختلط فيها النجاح بالعذاب.