"هنا القاهرة" صدح بها صوت المذيع الشاب ابن محافظة الشرقية، أحمد سالم، فى 31 مايو عام 1934، 83 عاما مرت على جملة افتتاح الإذاعة الحكومية المصرية "هنا القاهرة" بين المئات من أجهزة الاستقبال التى كانت معدة لاستقبال أو بث إذاعى رسمى مصرى، إلا أن هذا البث لم يكن الأول.
البث الذى جاء على صوت سالم، كان رسميا، بينما سبقه العديد من الإذاعات الأهلية المصرية غير الرسمية، فى العام 1927 افتتحت إذاعة "مصر الجديدة" وبعد عامين افتتحت محطة أهلية أخرى أوروبية هى إذاعة "سابو"، وفى العام 1932 افتتحت محطة راديو "الأمير فاروق" الملك فاروق فيما بعد.
وفى الإسكندرية افتتحت إذاعتان الأولى محطة راديو "سكمبرى" ومحطة راديو "فيولا"، كان يساء استخدام هذه الإذاعات، قيل إنها كانت تبث رسائل الغرام، وأحيانا ترويج المخدرات.
وفى أوائل الثلاثينات ألقت سلطات الأمن القبض على إحدى عصابات المخدرات التى استخدمت محطة إذاعة أهلية فى توجيه أفراد العصابة لتسليم البضاعة فى الأوقات المحددة، لذلك حاولت الحكومة تنظيم الإذاعات الأهلية والسيطرة عليها، لكن الأخيرة قاومت بشدة وكانت تهدأ أحيانا وتمتنع عن بث رسائل الغرام، ثم تعود مرة أخرى للعبث، لذلك أصدر وزير المواصلات فى 13 يوليو 1932 بيانا، قال فيه: "الوزارة ستقوم باتخاذ اللازم لمنع الشكاوى التى تتعلق بعدم الراحة الناشئة من سوء استعمال الراديو وإطالة وقت الإدارة فى محطات الإذاعة واستخدام الآلة على وجه يضايق الجمهور ويؤدى إلى إقلاق الراحة".
وفى عام 1934 ألغت الحكومة المحطات الأهلية، ووقعت عقد احتكار بينها وبين شركة "ماركونى" الإنجليزية مدته عشر سنوات وينفق عليها من حصيلة رخص استقبال الإذاعة.
فرضت الحكومة رسوما على كل جهاز راديو، وفى مساء 31 مايو 1934 افتتحت رسميا محطة الحكومة المصرية للإذاعة اللاسلكية فى السادسة، بدأ البرنامج أولا بتلاوة الشيخ محمد رفعت الذى حصل على أجر قدره 3 جنيهات مصرية، ثم انطلق صوت المذيع أحمد سالم الذى قال: "هنا القاهرة سيداتى وسادتى أولى سهرات الإذاعة المصرية فى أول يوم من عمرها تحييها الآنسة أم كلثوم" واستمر إرسال اليوم الأول من الإذاعة 6 ساعات.
دفعت الإذاعة للآنسة أم كلثوم 25 جنيها نظير إحيائها للافتتاح، وإلى جانب أم كلثوم غنى فى يوم الافتتاح المطرب صالح عبدالحى بعدما قدمه الإذاعى محمد فتحى والملقب بـ "كروان الإذاعة" وغنى على الهواء مباشرة رائعة محمد عثمان "ياما انت واحشنى"، ثم غنى مطرب الأمراء والملوك محمد عبدالوهاب، وتبعه حسين شوقى أفندى الذى ألقى قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقى بك، والمونولوجست محمد عبدالقدوس والموسيقيان مدحت عاصم وسامى الشوا وأخيرا ألقى الشاعر على بك الجارم بصوته قصيدة تحية لملك البلاد فؤاد الأول ملك مصر والسودان.
انتهى عقد شركة ماركونى مع الحكومة المصرية فى 30 مايو 1944 وفى 1947 تم تمصير الإذاعة.