فى مثل هذا اليوم 5 يونيو، لم تكن ذكرى النكسة وحدها كفيلة بجعل قلوب المصريين حزينة، على مدار أعوام طويلة، بل ذكرى نكسة جديدة فى الغناء والطرب، حينما رحل الشاعر الملقب بـ"شاعر الشباب" أحمد رامى عام 1981، مات من الحب كما قال المقربون منه، بعد وفاة أم كلثوم عام 1975، هجر الناس والشعر واعتزل الحياة وعانى من الاكتئاب حتى وفاته.
تعود أصول الشاعر المصرى من أصل تركى أحمد رامى، إلى التركية، جده لأبيه الأميرلاى التركى حسين بك الكريتلى، ولد عام 1892 فى حى السيدة زينب بالقاهرة درس فى مدرسة المعلمين وتخرج فيها عام 1914 سافر إلى باريس فى بعثة من أجل تعلم نظم الوثائق والمكتبات واللغات الشرقية وحصل على شهادة فى المكتبات والوثائق من جامعة السوربون.
درس فى فرنسا اللغة الفارسية فى معهد اللغات الشرقية وساعده فى ترجمة "رباعيات عمر الخيام".
عُين أمين مكتبة دار الكتب المصرية كما حصل على التقنيات الحديثة فى فرنسا فى تنظيم دار الكتب، ثم عمل أمين مكتبة فى عصبة "الأمم المتحدة حاليا" عاد إلى مصرعام 1945 وعين مستشارا للإذاعة المصرية، وعمل فى الإذاعة ثلاث سنوات ثم عين نائبا لرئيس دار الكتب المصرية.
حينما كان فى باريس نشر أشعاره فى مجلتى "السفور" و"الشباب" بشكل منتظم وأطلق عبدالعزيز الصدر صاحب مجلة الشباب على رامى لقب "شاعر الشباب" نسبة إلى المجلة.
كتب لأم كلثوم أكثر من 130 أغنية وساهم فى ثلاثين فيلما سينمائيا إما بالتأليف أو بالأغانى أو بالحوار، من أهمها "نشيد الأمل، الوردة البيضاء، دموع الحب، يحيا الحب، عايدة، دنانير، وداد"، كما كتب للمسرح مسرحية "غرام الشعراء" وترجم مسرحية "سميراميس".
ترجم رامى كتاب "فى سبيل التاج" من "فرانسوكوبيه" كما ترجم "شارلوت كورداى" لـ يوتسار وترجم "رباعيات الخيام" وعددها 175 وكانت أول الترجمات العربية عن الفرنسية، كما ترجم بعض قصائد ديوان "ظلال وضوء" لسلوى حجازى عن الفرنسية.
نال "شاعر الشباب" العديد من الجوائز، منها جائزة الدولة التقديرية 1967 ووسام الفنون والعلوم ووسام الكفاءة الفكرية من الطبقة الممتازة من الملك الحسن ملك المغرب ودرجة الدكتوراه الفخرية فى الفنون.
فى حوار قديم له مع مجلة "الإذاعة والتليفزيون"، قال توحيد نجل الشاعر أحمد رامى، إن والده لم يتزوج أم كلثوم لأنه لو تزوجها سيكون الزواج سببًا فى اعتزالها الغناء لأنه رجل شرقى ولن يسمح لها بالغناء، لذلك لم يطلب يدها، ولم يفكر فى الزواج من أم كلثوم.
وعن طريقة كتابته، قال نجله "كان يركب الأتوبيس من حدائق القبة إلى السكاكينى.. ومن السكاكينى يركب "التروماى" إلى باب الخلق.. وكثيراً ما كان يكتب الشعر فى التروماى".
وكشف أن عمتيه وشقيقتا رامى سعاد وصفية كان لهما دور كبير فى تحويل "أم كلثوم" من فتاة ريفية ترتدى العباءة والعقال إلى فتاة قاهرية تعرف كيف تلبس وتأكل وتتكلم.
كتب رامى لأم كلثوم 137 أغنية لم يتقاض مليما واحدا، فقالت له: "أنت مجنون لأنك لا تأخذ ثمن أغانيك!"، قال لها: "نعم، أنا مجنون بُحبِك، والمجانين لا يتقاضون ثمن جنونهم، هل سمعتِ أن قيس أخذ من ليلى ثمن أشعاره التى تغنّى بها؟".
اعترفت أم كلثوم بحبها له ذات مرة، وقالت: "أحب فى رامى الشاعر وليس الرجل"، وجرحه ذلك، فكتب لها أغنية تقول: "عزة جمالك فين.. من غير ذليل يهواك".
كان رامى يعرف أم كلثوم طيلة 12 عاما ولما يئس من الارتباط بها تزوج إحدى قريباته، التى تصغره بـ22 عاما.
فى إحدى المرات، أهانت أم كلثوم رامى وسط عدد من زملائهم، وقالت له: "يا ريتنى ما عرفتك يا شيخ!"، فكان رد رامى عليها: "من أنتِ حتى تستبيحى كرامتى.. فأهين فيك كرامتى ودموعى.. وأبيت حران الجوانح صاديا.. أصلى بنار الوجد بين ضلوعى".