هاني سرحان يكشف كواليس مسلسلي سوق الكانتو وحرب في حوار خاص

بشخصيات يرسمها بدقة داخل عوالم خاصة، نجح المؤلف والسيناريست هانى سرحان فى حجز مكانة مميز وسط جيل مميز يثرى الدراما المصرية بأعمال مغايرة، خصوصا أن لديه شغفا خاصا وعشقا للشخصيات التى يكتب حواديتها، إذ سبق أن كتب المعالجة الدرامية لمسلسل «الأب الروحى» بجزئيه الأول والثانى، كما فاجأنا بتجربته الفارقة مع ياسر جلال بمسلسلى «الفتوة» و«لمس أكتاف»، وأيضا حقق نجاحا باهرا بمسلسله الوطنى «الاختيار 2».

 

فى رمضان الماضى، فاجأنا هانى سرحان بعمل مختلف وسط المنافسة الرمضانية الشديدة، اختار فيه أن يعود إلى فترة العشرينيات من القرن الماضى، وتحديدا داخل أقدم سوق لملابس البالة فى مصر، الشهير بـ«وكالة البلح»، وذلك من خلال مسلسل «سوق الكانتو» بطولة أمير كرارة ومى عز الدين وعبدالعزيز مخيون وفتحى عبدالوهاب، كما عرض له أيضا مسلسله الوطنى «حرب» بطولة أحمد السقا ومحمد فراج، الذى يحكى عن إحدى بطولات الأجهزة الأمنية فى التصدى للإرهاب.
 

 

 حول العملين، تحدث السيناريست هانى سرحان فى حوار نشرته صحفية اليوم السابع وأجراه الكاتب الصحفي محمود ترك، كاشفا عن سبب عودته بالزمن فى «سوق الكانتو» وشغفه بهذه الفترة وكيفية رسم الشخصيات، وأيضا سبب حماسه لمسلسل «حرب»، وتفاصيل أخرى فى السطور التالية:

 

كيف جاءت لك فكرة مسلسل «سوق الكانتو» وتناولها هذا العالم؟

 

أردت أن أكتب عن سوق البالة، وكالة البلح، واستهوتنى الفكرة كثيرا، واستعنت بباحثين ومراجع، ورجعت إلى هذا العالم الخاص بشخصياته وحكاياته، وحرصت على أن أنقل أيضا صورة للأماكن المحيطة به، مثل شارع عماد الدين ومحلات التياترو، وأيضا الجالية اليونانية فى الإسكندرية والأجواء التى كانت تتميز بها وتنوع الجنسيات.

 

 نقل هذا الواقع بمصداقية.. هل اتبعه تضمين قصص حقيقية داخل الأحداث؟

 

هناك بعض الأحداث الحقيقية فى سوق الكانتو قديما، أخذت منها بعض التفاصيل، مثل الصراع بين حسنين وعوض، واستعنت بصديقة صحفية استقصائية لكى تذهب إلى وكالة البلح وتجمع معلومات عنها، إذ حرصت على أن أجمع كل المعلومات المتاحة، سواء عن طريق باحثين أو قراءتى فى بعض الكتب، لأحصل على مادة غزيرة تكفى لكتابة عمل فنى مفعم بالتفاصيل.

 

 

 

ما المشهد الذى قفز إلى ذهنك فى البداية أثناء التحضير للعمل؟أول صورة

ظهرت فى عقلى من المسلسل مشهد طرد «طه» من السوق، ويوما تلو الآخر بدأت الفكرة تتبلور أكثر، التى كانت قد بدأت منذ نحو عامين، لكن العمل عليها فعليا بدأ بعد مسلسل «الاختيار 3» واستغرق البحث والكتابة نحو 3 أشهر.

رأينا من قبل مسلسلك «الفتوة» وضمن أحداث «سوق الكانتو» شخصية الفتوى «علوان».. هل أنت مهتم بهذا العالم؟

 

ليس كذلك، أنا مهتم أكثر بالتراث الشعبى المصرى بشكل واضح، ولدى هوس بهذا العالم وشخوصه وحكاياته ومهنه، والدفء الذى كان موجودا بين الناس، وأشعر بأن هذا الزمن ملىء بالحكايات التى لم ترُوَ، ولن يكون «سوق الكانتو» العمل الأخير الذى أحكى فيه عن هذه الفترة الزمنية.

 

تجنبت الشخصيات الأحادية فى المسلسل بمعنى أنه ليس هناك أحد طيب فى المطلق ولا آخر شرير على طول الخط. كيف رسمت شخصيات العمل؟

لا أحب أن تكون شخصيات أعمالى أحادية، فليس هناك أبيض أو أسود، بل درجات بينهما، فكل منا لديه جوانب إيجابية وسلبية، وداخل كل شخص أسراره الخاصة لا يكشفها، وعلى سبيل المثال شخصية حسنين، مع قوته وسطوته ونفوذه وأيضا حبه لعائلته، هناك ماض خاص به وأسرار يخبئها، وأيضا طه القماش، رأيناه فى أعمال غير مشروعة، لكنه أيضا يناصر الحق ويقف ضد الظلم ويسعى لأخذ حق عائلته، أما رشاد أو «فتحى عبدالوهاب» فتلاحقه وصمة عار منذ صغره بأنه حرامى، ونراه شديد الارتباط بوالده، ويحلم بأن يرد كرامته أمام أهل السوق، وأن يصبح المسيطر أو الكبير وسط التجار وصاحب كلمة مسموعة.

والأمر لا يقتصر على مسلسل «سوق الكانتو» فقط، بل فى كل أعمالى ومنها «الفتوة» و«لمس أكتاف» بطولة ياسر جلال، لأننى أتكلم عن شخصيات حقيقية من الواقع.

بالحديث عن شخصية رشاد.. ما تفاصيل هذه العلاقة الخاصة بينه وبين والده حسونة الذى جسد دوره الفنان حمدى هيكل؟

أحببت للغاية هذه العلاقة بين الأب والابن لما لها من تفاصيل خاصة، وللعلم هذا الخط الدرامى لم يكن مخططا له أن يظهر بهذه الطريقة منذ البداية، لكن مع الدخول أكثر فى هذا العالم، تفاعلت مع علاقة الصداقة القوية بين الأب والابن، ففرض الاثنان نفسيهما على الكتابة.من المشاهد اللافتة للانتباه فى المسلسل مسك (شحاتة) يد والده أثناء وفاته- ليجعله يبصم على عقود بيع أملاكه له- الأمر الذى أثار تفاعل واستياء الجمهور من تصرفه.. حدثنا عن سبب هذا التصرف؟«شحاتة» طوال الوقت يشعر بأن والده يفضل شقيقه «قاسم» والد «طه» عليه، ومنذ صغره تمتلكه هذه الأحاسيس، ويشعر بالظلم رغم أن شعوره هذا ليس حقيقيا، كما أنه مقتنع بأن ما فعله من حقه، ولقد تلقيت العديد من ردود الأفعال على هذا المشهد، والبعض قال إن «شحاتة» وتصرفاته تشبه بعض تصرفات أقاربهم سواء أعمامهم أو أخوالهم.



 

العمل يجمعك للمرة الأولى بالنجمين أمير كرارة ومى عزالدين.. كيف كانت الكواليس؟
 

تجمعنى بأمير كرارة ومى عزالدين صداقة قوية، وسعدت للغاية بأن عملا واحدا جمعنا معا، وكانت كواليس المسلسل بشكل عام ممتعة، ولا أنسى أيضا النجم فتحى عبدالوهاب، إذ يعد «سوق الكانتو» ثانى عمل لنا معا بعد «لمس أكتاف»، وجسد فى المسلسل شخصية «رشاد» باحترافية شديدة، فهو مميز على المستوى الفنى وأيضا على المستوى الإنسانى. ملامح فترة العشرينيات من القرن الماضى رسمتها بتفاصيل خاصة منها أسماء مهن غير موجودة حاليا.. حدثنا عن هذه التفاصيل؟أردت أن يظهر كل شىء حقيقيا، وأشرت فى العمل إلى مهن مثل «التوشجية» أى من يدعى أن شخصا ما ضربه لكى يأخذ تعويضا ماليا، وأيضا «التعوجية» وهم أشخاص يرمون بأنفسهم أمام السيارات لكى يحصلون على تعويض أيضا.بالحديث عن المهن فى المسلسل.

ما مهنة تقطير الخمر وأيضا ما مصلحة الإنتاج التى من مهمتها القبض على بائعى الخمور بطريقة غير شرعية؟

عندما ذاكرت وأثناء بحثى فى هذا الزمن، وجدت أن مهنة تقطير الكحول كانت منتشرة فى المنازل بطريقة غير شرعية للهروب من الضريبة المفروضة عليها وقتئذ، لذا لجأت الحكومة وقتها إلى تأسيس «مصلحة الإنتاج» تابعة لوزارة الداخلية، وهناك بعض القصص الحقيقية عن جهود مصلحة الإنتاج موجودة فى المسلسل. ماذا عن مشهد القافية والنزال بين رواد المقهى ضمن أحداث المسلسل؟فى هذه الفترة كان النزال بـ«القافية» منتشرا، وكان هناك «قهوة القافية»، وهناك الكثير من الكتب عن هذا الأمر، واخترنا أن نستعرضها فى المسلسل، لمزيد من الواقعية ونقل صورة حقيقية عن فترة العشرينيات.

 

الكتابة عن أحداث ونقل واقع لفترة زمنية سابقة أمر مجهد.. لماذا تحب العودة له؟
 

بالفعل يحتاج إلى مجهود كبير، ومراحل بحث وتدقيق عديدة، لكن فى النهاية يشبع عندى أمرين مهمين، أولهما القراءة والبحث، وثانيهما الكتابة، فلقد استمتعت كثيرا بهما.عرض لك أيضا فى رمضان مسلسل «حرب».. حدثنا عنه؟هو مسلسل درامى بوليسى تشويقى مستوحى عن بعض القصص الحقيقية، فهو ليس عملا وثائقيا، بل به قصص إنسانية ودراما مميزة، وشخصية «الظافر» مستوحاة من شخصية حقيقية تم القبض عليها.

قد يعتقد البعض أن كتابة مسلسل من 10 حلقات أمر سهل.. ما ردك؟

ليس هناك شىء سهل، وأرى أن تجربة كتابة مسلسلات 15 أو 10 حلقات، أمر إيجابى للغاية، نحن هنا نلتزم بما يفرضه الإطار الدرامى، وهل القصة تتحمل فرد عدد حلقات أكثر لها أم لا، وأتمنى استمرار هذا التوجه.ما أكثر شىء ركزت عليه دراميا أثناء كتابة المسلسل؟شخصية «عمر» و«الظافر» بينهما دائما مطاردة، وأيضا وسط كل هذه الأحداث يجب أن تكون هناك دراما تخدم المسلسل بشكل عام.