نشأ مدير التصوير حسين عسر في منزل فني، فالجد هو الممثل الشهير عبد الوارث عسر، أما والده مدير التصوير محمد عسر، حيث يستمع في طفولته إلى أحاديث ونقاشات عن السينما، مع رؤية كاميرا والده في المنزل وكيف يتعامل معها، ليتكون لديه هذا الولع الشديد بحب الفن وخصوصا الصورة السينمائية، خصوصا أنه كان يذهب رفقة والده إلى لوكيشن التصوير في طفولته.
دوماً ما اشتهر حسين عسر بكونه واحد من أبرز المواهب المميزة بين مديري التصوير بجيله، بعدما استطاع رسم لوحات مميزة بأعماله يضفى عليها لمسة خاصة تعبر عن مضمون الأحداث وترمز بإشارات عبر الصورة إلى ما يقصده صناع العمل، وهو ما يظهر جلياً خلال مسلسل "الحشاشين" الذى ظهرت فيه الصورة ضمن أهم أبطال المسلسل واستطاعت خطف أعين المشاهدين، ولم تكن بألف كلمة فحسب وإنما بأكثر، خاصة أنها شرحت طبيعة عصر خاصة جداً في حقبة تاريخية مهمة وبلدان متجاورة كلاً منها كانت مختلفة عن الأخرى.
مسيرة حسين عسر شهدت تميزاً ما بين السينما والدراما في أعمال متنوعة لم تقف عند قالب واحد، مثل مسلسل "الداعية" للفنان هاني سلامة، و"مأمون وشركاه" مع الزعيم عادل إمام، بالإضافة “لأعلى سعر” مع نيللي كريم، ليكون بعدها ثنائية ناجحة مع المخرج بيتر ميمي اتسما فيها بوجود كيميا خاصة بدأت في الدراما بمسلسل “الأب الروحي” ثم "كلبش" لينتقلا بعدها إلى السينما بفيلم "حرب كرموز" الذى حقق نجاحاً كبيراً، واتسم بتقنيات عالية للتصوير ضمن مشاهد الأكشن التى تضمنها العمل، ثم أتت ملحمة مسلسل "الإختيار" بأجزائه الثلاثة الذى استطاع فيها رسم صورة أهم ميزاتها الدقة العالية.
تتواصل ثنائية عسر وميمي بأكثر من عمل وصولاً لمسلسل "الحشاشين"، الذي استطاع فيه إظهار ما يمتلكه من موهبة كبيرة، خاصة أن العمل يتضمن مجموعة عوالم مختلفة، بداية من عالم القاهرة وعصر الدولة الفاطمية بمشاهد الشدة المستنصرية التي اتسمت بشكل بصري خاص يميز تلك الحقبة من ظلام طغى على المشهد يعكس تلك الفترة التي كانت الأسوأ بتاريخ مصر، كما أشار ببراعة لمسكن حسن الصباح آنذاك بإضاءة على باب منزل واحد بين الظلام مشيراً لكيفية طريقة تفكير الصباح وعيشه دائماً بالظلام.
وضع عسر لمسته البصرية على عالم سمرقند والإضاءة الكبيرة لها، لإبراز نهوض تلك الدولة وعالمها المميز، في حين رسم للمشاهد خطاً منفصلاً لقلعة الموت معقل حسن الصباح بدا فيه منذ الوهلة الأولى الهيبة الكبيرة على هذا المكان المرتفع فوق قمة جبل جعلته منيع عن الكل ليخرج منه الصباح في كل مرة في صورة أشبه بالأسد في عرينه.
كل ما سبق من عناصر خلقت للمشاهدين صورة مميزة عكست ما تتسم به الأحداث، لتأتى مشاهد أخرى صعبة للغاية على أي مدير تصوير، وهى مشاهد معركة الليل ضمن الحلقة الـ 11 من المسلسل، والتي وصفت كواحدة من المعارك على الشاشة العربية، لا تقل إثارة عما نراه بالمعارك العالمية في أفلام هوليود أو مسلسلات المنصات المختلفة في الغرب، خاصة أن حسين عسر استطاع للوهلة الأولى خلق عالم بصرى مميز لمعركة تدور في الظلام، ليجعل المشاهد في قلب الأحداث مع إشعال النيران بواسطة الأسهم التي انطلقت من الحشاشين ليضفي على الصورة واقعية وإثارة مستمدة من سخونة الأحداث في مشهد سيظل في ذاكرة الدراما طويلاً، خاصة مع الكم الكبير من الإشادة على الحلقة.