قل للمليحة بالشال الفلسطينى، ماذا فعلت فى عالم ظالم! العذر كل العذر للشاعر ربيعة ابن عامر التميمي الشهير ب"المسكين"، على هذا التبديل في كلمات أبياته الشهيرة لوصف المرأة المليحة الجميلة منذ أكثر من 1300 عام، هذا البيت الشهير الذي يتغنى به كل من يريد أن يصف بنتا جميلة أو امرأه ذات جمال وتأثير، هذه الأبيات تليق بالمرأة الفلسطينية "المليحة" الحقيقية.
عذرا يا تميمي، فهذا البيت الذي حرفناه قليلا، لا يليق الا بإمراه خلابة قوية مسيطرة، شجاعة يهابها الجميع، لا تهاب أحدا، تمر وتعصف بها الأزمان والأزمات والعواصف، ولا يغير ذلك في قوتها وصلابتها وصمودها وشجاعتها وأيضا حسنها شيء! إنها المرأة الفلسطينية أيقونة المعارك سيدة العواصف، ملكة التحديات والقادرة وحدها على أن تتحدى ظلم العالم.
مليحة ..أيقونة الأنثى الصامدة
لطالما كانت المرأة الفلسطينية أيقونة لا يمكن أبدا زعزعة أصولها، تتمكن على الدوام من الفوز بكل المعارك، النفسية والحياتية ومعركتها مع الاحتلال، وما يترتب عليه من شتات لعائلتها، من موت لأحبائها، من مناصرة لقضيتها وحفاظ على هويتها، فالمرأة الفلسطينية هي التجسيد الحقيقي للمعركة الدائرة منذ عقود، على الأرض والهوية والكرامة.
"قل للمليحة بالخمار الأسود ماذا فعلت بزاهد متعبد ؟ قد كان شمر للصلاة إزاره، حتى قعدت له بباب المسجد".. هذه الكلمات الأصلية للشاعر التميمي، التي يتغنى بها كل من يريد أن ينقل لنا وصفا مفصلا لتأثير امرأه جميلة، قوية، خلابة هيفاء، جمالها يشدك منذ النظرة الاولى، وحضورها واثق ومؤثر، يؤثر العيون والقلوب، مواقفها وصلابتها ليست كباق النساء، وتحمل مزيجا عجيبا بين الصمود والحب والعطاء.
اعتقد أن اختيار اسم "مليحة" لبطلة قصة المسلسل الذي يغرد منفردا في سماء مسلسلات الوطن العربي في السباق الرمضاني 2024، ويتناول القضية الفلسطينية بمفهوم ومنظور مبسط وسلس ورقيق، وقوي وحاد ومركز في الوقت ذاته، جاء لتقديمها من خلال نموذج أنثوي يجسد الرمز الأول والأهم للقضية الفلسطينية ورمزها وهو "المرأة الفلسطينية" العظيمة، التي لا تكفي الكلمات لوصفها، ولا تكفي المواقف لإبراز جزء ولو بسيط من صمودها وجمالها ودورها في القضية.
مليحة رمز ورسالة
اسم مليحة لم يكن أبدا محض صدفة، بل أنه تجسيد وتأكيد على دور المرأة الفلسطينية التي تجمع بين كل الصفات وتناقضاتها في شخصيتها، لتنتج لنا رمزا لا يمكن الاستهانة به في القضية الفلسطينية بل أنها محرك أساسي على مر العقود لها.
مليحة فى المسلسل تعيش رفقة عائلتها في ليبيا، المكونة من والدها ووالدتها وجدها وجدتها، بعد أحداث الانتفاضة، ونزوحها من فلسطين، إلى أن ماتت امها ووالدها لتخوض معارك حياتية يومية، لتستقر أخيرا فى القاهرة بعد رحلة معاناة لتبدأ فى تحقيق حلم عودتها إلى وطنها الأم مرة أخرى.
" مليحه" رمز الصمود وايقونه التحديات والمعارك
مليحة، بنت سمراء جميلة، فلسطينية ممشوقة القوام، منتصبة الهيئة، عالية الرأس واثقة الخطى، تجمع بين الجمال الطبيعي، والقوة والحضور الطاغى في الوقت ذاته، منذ الحلقة الأولى وتظهر مليحة بمظهر الفتاة الجميلة القوية، الممرضة الشابة التي تساعد كل من حولها، بها نقطة ضوء، يلتفت لها الجميع عندما يراها، مواقفها ثابتة وحلمها قائم.
مليحة والهوية والحفاظ عليها بالروح
لطالما كانت المرأة الفلسطينية ذات هوية خاصة، لا تتنازل عن هويتها وإظهارها مهما كان الثمن أو الزمان أو المكان، تعتز بأصولها، تحافظ على هويتها بأقل وأبسط التفاصيل وأعظمها، ففي مشهد من المشاهد ورغم أن مليحة تسكن هي وعائلتها في ليبيا، وتركت فلسطين منذ الطفولة، إلا أنها تحافظ على تقديم وطهي الأكلات الفلسطينية مثل "المتبل الفلسطينى" الشهير، كما تحافظ على العادات وبعض الملابس الفلسطينية هي وجدتها.
مليحة ..حلم العودة يجرى فى دمها
حلم العودة مرة أخرى إلى فلسطين الوطن، هو حلم كل امرأه فلسطينية نزحت عن بلدها بسبب الأحداث الدامية من قبل الاحتلال الاسرائيلى على مر العقود، هو حلمها وهدفها مهما تغيرت الأزمان، تجد اتفاق طبيعى وضمنى بين كل الفلسطينيات على هذا الهدف.. فهو هدف الحياة.
في كثير من مشاهد المسلسل تجد حلم عودة مليحة إلى وطنها يراودها منذ الطفولة في مشاهد على طريقة "الفلاش باك" وهي طفلة تتحدث مع جدتها عن رغبتها في العودة الى الوطن، لترد عليها جدتها قائلة "متى العودة يا فلسطين؟" لتجسد بذلك الهدف الذي يراود كل امرأه فلسطينية وتزرعه في أطفالها واحفادها والأجيال وبعدها، عن العودة للوطن التي تسري في العروق مهما تباعدت المسافات ونزحت الاجساد.
مليحة.. رمز الحياة والمقاومة
المرأة الفلسطينية التي تجسدها مليحة في مسلسلها، هي رمز الحياة والمقاومة، مقاومة احتلال منذ عقود يخطف الأحباء منها، ومقاومة الحزن والفقد الذي تعيشه يوميا المرأة الفلسطينية لتراه في طفلها الشهيد وزوجها الفقيد وأمها وأبوها واخواتها وعائلتها، ففي أحداث المسلسل تفقد مليحة أبوها وأمها على يد مسلحة، لتقف على قدميها بعد فتره حزن لتقوم برعاية جدتها وعائلتها صامدة قوية لا تهاب الفقد.
فهذه هي المرأة الفلسطينية، لا تهاب الفقد ولا الموت، ولا تقف عنده، فهي تعيش به وفيه منذ أن ولدت، تراه يوميا في احبائها وعائلتها، اعتادت أن تتفاءل وتقف وتصمد ولا تنكسر ولا تنهزم بعد أي نوع من المعارك حتى وإن كان معركة فقدان الأحبة
مليحة.. رمز الشجاعة والوقوف كالرجال في وجه العدو
في مشاهد كثيرة من مشاهد المسلسل تتذكر مليحة نفسها وهي طفلة تقف هي وعائلتها في وجه الاحتلال وجنوده، أثناء تهجيرها من فلسطين لتستقر في ليبيا. فالمرأة الفلسطينية التي تجسدها مليحة في المسلسل، هي رمز الصمود، أيقونة المعارك والتحدي، خلقت لتمسك بيد السلاح، واليد الاخرى يد حانية.
مليحه رمز النجاح رغم الصعوبات
على الرغم من كل الصعوبات التي واجهتها مليحة بطلة المسلسل خلال حياتها منذ طفولتها، إلا أنها ممرضة ناجحة فى عملها، مميزة بشدة، فتظهر في المسلسل تثير غيرة بعض زميلاتها من شدة تميزها وإتقانها للعمل، يلتفت إليها كل من عمل معها من أطباء وممرضين وحتى مرضى، تساعد بقلب رحيم وبكل ما اوتيت من قوة
هذه هي المرأة الفلسطينية، يد تساعد ويد تحمي، تستطيع مساعده كل الناس، كل الفئات رغم جراحها تداوي كل الجراح، وهنا اختارت مؤلفه المسلسل بشكل مدروس طبيعة عمل مليحة المرأة الفلسطينية التي تداوي جراح الآخرين وتشفيهم من آلامهم، رغم كل آلامها التي تعيشها لعقود كتجسيد لطبيعة قضيتها الكامنة فيها، ومعركتها المتواصلة التي لا تنتهي مع الحياة.
مليحة.. رمز التحدي
مليحة في المسلسل، هي تجسيد للمرأة الناجحة التي لا تخسر أي معركة تدخلها، فلا تجدها أبدا امرأة مهملة في بيتها أو مهمله في قضيتها، أو في وطنتيها وهويتها، فالمرأة الفلسطينية تستطيع أن تنجح في جميع المناحي إذ اعتادت المعارك ولا تقبل الهزيمة.
تجدها ممرضة ناجحة، سيدة بيت ممتازة، مدافعة عن قضيتها بامتياز، لا تقبل الإهانة، وتدافع عن حلمها بالعودة لوطنها واعتزازها به.
مليحة .. رمز الأنوثة الكاملة
مفهوم الأنوثة والجمال يختلف من مكان إلى مكان، من ثقافة إلى أخرى، ومن منظور لآخر، ولكن لا يمكن الاختلاف على جمال المرأة الفلسطينية والتي يجسدها مسلسل مليحه بشكل متزن وسليم ومتقن.
فمليحة في المسلسل، هي شابة جميلة، متزنة التبرج، عينيها حادة، نظرتها واثقة، مشيتها مرفوعة الرأس، هذه الملامح الشخصية التي جسدتها بطلة المسلسل الفلسطينية سيرين خاس مقصودة ومدروسة، لتظهر الجانب الأنثوي الطاغي، الصامد المقاوم للحياة، صاحب الكرامة القادر على مواجهة الصراعات والحرب، بيد المرأة الحانية.
مليحة.. رمز الحب والصمود في العالم الظالم
المرأة الفلسطينية لا تقف حياتها عند المأساة، فالأمثلة كثيره، فيكفي أن تجدها تودع طفلها اليوم الذي لقى حتفه واستشهد، لتنجب غيره بعد أيام، لتعلنها صريحة معاندة امام كسرات الحياة والحرب، "أنا هنا.. والحياة تستمر "
ففي المسلسل تدور قصة حب جميلة وبريئة بين الممثل "ادهم" الذي يجسد شخصيته الفنان محمد دياب بطل المسلسل، وبين مليحة الفلسطينية، في إطار من توافق أهدافهما، ومناصرتهما للقضية الفلسطينية، والتعبير عنها في إطار لطيف ومحبب.
المتحدة الرائدة تجسد القضية الفلسطينية فى شخص مليحة
هذا الإنتاج الضخم والقضية الأبرز على الساحة، وهي القضية الفلسطينية، وايقونتها المرأة، تعد أحد أهم انتاجات هذا العام، حيث حرصت الشركة المتحدة، على مناقشة تلك القضية المهمة، وترسيخها في نفوس عائلاتنا المصرية والعربية، بشكل مبسط وجميل، ولعل أبرز ما يميز المسلسل هي الثلاث دقائق الاولى من كل حلقة، حيث يسرد الجد بطريقة الحكي طبيعة القضية الفلسطينية وأحداثها منذ القدم، بطريقه مشوقة وسلسة جعلت الأطفال والكبار يلتفون حول هذا المسلسل المميز، صاحب القضية الأبرز، ومسلط الضوء على قضية القرن، في مناصرة ظاهرة وحقيقية للقضية سيظل أثرها لسنوات بعد انتهاء هذا المسلسل المميز والبسيط الفكرة، عظيم التأثير.
فالشركة المتحدة بهذه الفكرة البسيطة، سددت اكثر من هدف بحجر واحد، مناصرة للقضية الفلسطينية، مناصرة للمرأة، ومناصرة للإنسانية.