مع نهاية مسلسلات شهر رمضان تحقق العديد من المكاسب، منها تواصل ظهور عدد كبير من الممثلين الجدد أغلبهم في أدوار تناسبهم يضخون دماء جديدة للفن المصري، وتأكدت براعة نجوم أتيحت لهم ادوار اظهرت مواهبهم أشاد بها المتخصصون وغالبية المتلقين.
لم يشهد عام 2024 نوعية الدراما الشعبية التي كانت تحفل بأجواء البلطجة وذلك الحوار المنغم لتأكيد ما يعتقد أنها الواقعية، بل غلب الرقي على دراما 2024 وكسبنا أعمالا كوميدية قائمة على المواقف الدرامية المستمدة من الواقع مع لمسات من خيال فانتازي يحقق متعة فنية. وأعمال جمعت بين الفكرة الطريفة والتفاصيل المسلية كما في "بابا جه"، "كامل العدد 2" و"فراولة" بجانب أعمال التشويق ودراما الأكشن في أهم ثلاثة أعمال بالنسبة لي "لحظة غضب" و"مسار اجباري" و"بدون سابق إنذار" كل منها في 15 حلقة مكثفة بقوالب درامية مختلفة تحت نوع التشويق مع ظلال من الواقعية الاجتماعية في "مسار إجباري" ومن الدراما النفسية في "بدون سابق إنذار"، ومن مزيج من كوميديا تحت سطح تراجيديا الموقف في " لحظة غضب " حيث كان كسر الإثارة فيه متعمدا يتركنا مع كل حلقة مع اكتشاف معلومة جديدة وكشف عن الشخصيات.
كسبنا المخرجة نادين خان بعملها الذي أسندت بطولة "مسار إجباري" للشابين عصام عمر وأحمد داش بأسلوب الفيلم السينمائي بكل عناصره الفنية، والمسلسل يعد مكسبا للدراما التلفزيونية التي تبث روحا إيجابية.
ونجح المخرج عبد العزيز النجار مع سيناريو مهاب طارق في " لحظة غضب" في عمل بنكهة وروح الأعمال المترجمة، ولم نفتقد الكبار بوجود المخرج هاني خليفة من جيل الوسط في "بدون سابق إنذار" الذي يخوض في عمق العلاقات بين الأزواج والزوجات، وبين الأبناء والآباء. يتخطى الفكرة الظاهرة حول إثبات البنوة ويقدم من خلال عملية البحث بانوراما للمجتمع المصري في اللحظة الراهنة، والأعمال الثلاثة السابقة ترضي ذوقي الشخصي وترضي نسبة من المشاهدين وجدوا فيها متعتهم.
المكسب الكبير مع "الحشاشين" بإنتاجه الضخم وبما أثاره من جدل حول رؤية كاتبه عبد الرحيم كمال لشخصية من التاريخ تجاوز بتناوله مسمى المسلسل الديني، وتوقف المتابعون عند الحلقة 11 و23 ومستوى المعارك التي أدارها المخرج بيتر ميمي دون استعانة بخبراء أجانب. وتأكد التطور التقني مع "جودر" وأجواء ألف ليلة وليلة بروح عصرية نجح في تقديمها المخرج إسلام خيري وفريقه وقدموا من تأليف خبير التراث الشعبي أنور مغيث حدوتة مصرية في مستوى فني مرتفع.
وبقيت حيرة المشاهدين في تفضيل اعمال النصف الاول أم النصف الثاني مع زيادة عدد مسلسلات الـ 15 حلقة لنتأكد أنه مع الفن لا يوجد الأفضل بشكل مطلق إذ يمكن أن نجد في كل عمل ملامح إيجابية وعناصر تميز جعلت الانحياز للأفضل أمرا صعبا. كما أنه لا يمكن الإجماع على عمل ما بأنه حقق المعادلة الصعبة بالجمع بين تقدير النقاد والتفاف الجماهير.