قابلت الفنان نور الشريف لأول مرة صدفة أمام منزله، وبالتحديد في مدخل العمارة التي كان يسكن بها في ميدان لبنان، وكانت معه ابنته ساره، وأتذكر جيدا هذا اليوم كأنه الأمس، فقد كان ماسكا في يديه رواية " الخيميائي" للكاتب العالمي باولو كويلو، وفي يديه الثانية أجندة صغيرة الحجم، أما ابنته ساره فقد كانت تحمل شنطة بها ملفات وسيناريوهات، فاستوقفته وعرفته بنفسي قائلا له : صباح الخير أستاذ نور أنا جمال عبد الناصر صحفي بجريدة صوت الأمة، فقد كنت وقتها أعمل بهذه الجريدة العريقة، وكان أول انطباع وتعليق منه علي اسمي قائلا : " أممممم .. جمال عبد الناصر "، وتبع أدائه ابتسامة، ولم أعرف وقتها، هل هو من محبي الزعيم جمال عبد الناصر ؟ أم من المعارضين له ؟، ولكني طلبت منه إجراء حوار، وانتهي اللقاء سريعا لانشغاله بموعد ولكنه منحني تليفون منزله، وقال لي أبقي كلمني ونحدد موعد لحوار صحفي، وظللت اتصل لمدة تجاوزت الأسبوعين، حتي رد علي مساء ليلة من ليالي الشتاء، وحدد لي موعدا فذهبت سعيدا بإجراء هذا الحوار.
جلست مع هذا الفنان نور الشريف لمدة تجاوزت الـ 3 ساعات، وأثناء الحوار استوقفني أيضا رواية " الخيميائي" للكاتب العالمي باولو كويلو التي كانت بجواره، فسألته : هل أنت من محبي أعمال هذا الروائي وتقرأ كل أعماله، لأنني من محبيه واقرأ له، فقال لي : نعم، ولكن هذه الرواية ساقدمها في عمل فني، وبالتحديد مسرحي، وهنا سالته عن التفاصيل فرفض في البداية، ثم قال لي : هقولك بس متنشرش إلا لما أقولك امتي، أنا هحكيلك كأصحاب مش كفنان يصرح لصحفي فقلت له : أكيد يا أستاذ .. أنا متشوق أعرف والنشر لما حضرتك تحدد .
فتح نور الشريف الرواية وقال لي : قرأت هذه الرواية وأعجبت بها منذ فترة، وجمعتني الصدفة بهذا الكاتب الكبير أثناء زيارته لمصر فعرضت عليه الفكرة واقنعته بتحويلها لمسرحية أقدمها عند سفح الهرم، واشتريت منه حق تقديم الرواية، وكلفت الكاتب وليد يوسف بتحويلها لنص مسرحي .
الفنان نور الشريف كان يتمني تقديم رواية عالمية عند سفح الهرم
للأسف علمت فيما بعد أن هذا الحلم المشروع للفنان نور الشريف اصطدم بصخرة الروتين من بعض الوزارات المعنية بتسهيل تنفيذ المشروع ، وبالتالي تبخر الحلم الذي كان سيساعد على الترويج السياحي والثقافي لمصر، لأنه عمل عالمي لكاتب روائي وقاص برازيلي تتميز رواياته بمعاني روحية، ودائما يتم ترجمة أعماله لكل اللغات والرواية التي كان ينوي نور الشريف تحويلها لعمل مسرحي ترجمت إلى 81 لغة، وهذا ما جعلها تدخل موسوعة جينيس كأكثر كِتَاب مُتَرجَم لمؤلِّف على قيد الحياة مبيعاً، وقد بيع منها منذُ تاريخ صدورها في عام 1988م إلى الآن قرابة ال 210 مليون نسخة في أكثر من 170 بلداً، ممّا جعلها واحدة من أكثر الكُتُب مبيعاً على مرّ التاريخ.
رواية " الخيميائي " بالفعل كانت اختيار ذكي من النجم نور الشريف لتقديمها، فالحدث الرئيسي في الرواية هي مصر والأهرامات ، فأحداثها تدو حول راعي أغنام أندلسيّ اسمه "سانتياغو" يعيش في الرّيف الأندلسيّ، ويكرّس نفسه في البحث عن كنز مدفون بالقرب من الأهرامات المِصريّة الذي أخبره به طفل يأتيه في حلم غريب متكرّر كان يراوده كلّما نام تحت شجرة قريبة من كنيسة، فذهب سانتياغو إلى امرأة غجريّة ليُحاول فهم الحلم ولتفسرّه له، فتخبره أن يذهب إلى مِصر، ومن هُنا بدأت رحلته.