لم يكن فيلم "الممر" مجرد عمل وطني تقليدي يستعرض صفحات من نكسة 1967 أو انتصار أكتوبر 1973، بل شكل علامة فارقة في السينما المصرية المعاصرة، إذ أعاد تسليط الضوء على مرحلة حاسمة ومهملة من التاريخ، هي فترة حرب الاستنزاف، التي مثّلت جسر العبور من مرارة الهزيمة إلى فخر النصر.
جاء الفيلم ليجسد بإحساس واقعي صادق روح المقاومة والعزيمة لدى الجندي المصري، الذي رفض الانكسار، وبدأ رحلة استعادة الكرامة خطوة بخطوة. فـ"الممر" — الذي يُعد أحد أبرز الأعمال التي تناولت بطولات القوات المسلحة في السنوات الأخيرة — قدّم رؤية إنسانية وعسكرية متكاملة عن الصمود المصري بعد النكسة، وعلاقة الشعب بجيشه في تلك المرحلة العصيبة.
منذ عرضه، حظي الفيلم بإقبال جماهيري واسع، إذ رأى فيه الجمهور عملاً يعيد الاعتزاز بالهوية الوطنية. وقدم النجم أحمد عز أداءً مؤثرًا في دور المقدم "نور"، الضابط الذي يجسد روح المقاتل المصري الصامد رغم قسوة الهزيمة، بمشاركة نخبة من النجوم الذين رسموا معًا لوحة وطنية نابضة بالمشاعر والبطولات.
لم يكتفِ الفيلم بإحياء الذكريات، بل دفع كثيرين إلى البحث عن العمليات الحقيقية التي استلهم أحداثه منها، مثلما حدث مع أعمال كلاسيكية كـ"الطريق إلى إيلات"، لتعود أسماء الأبطال الحقيقيين إلى الواجهة من جديد.
ومع كل عرض للفيلم، تتجدد حالة الفخر الشعبي، وتتحول قاعات السينما والمنازل إلى ساحة احتفال رمزية بانتصار الإرادة المصرية. فـ"الممر" لم يكن مجرد فيلم حربي، بل رسالة وعي وتقدير لجيل حمل راية الوطن، وصنع من الهزيمة طريقًا إلى النصر.