"راحو ناس وأجو ناس وما شفناه، آه يا قلبى من حبيبى آه وآه، قلّى جاى وهلا وين صرلو شى شهر ويومين، لا فرّح برجوعه العين حتى صوته ما سمعناه"، بعد سماعك لهذه الكلمات فور تسرح فى أيام زمن الفن الجميل، وتنتابك على الفور مشاعر متضاربة بين الحنين والرومانسية والاشتياق، وتلوح فى الأفق ذكريات الفراق والألم، وتدخل فى دوامة من الاستغراب من الكلمات المؤثرة وإحساس من تؤديها لأول مرة، وتقرر مطاردتها على مواقع الأغنيات التى تخطفك فى رحلة إلى عالم آخر من الهدوء النفسى والبهجة المطلقة، ومن هنا تتعرف على أن صاحبة هذه الكلمات وهذا الإحساس هى الفلسطينية لينا صليبى.
مثلت تلك الكلمات أول أغانيها المنفردة فى مشوارها الفنى الذى بدأته منذ 3 سنوات بأغنية "رجعلى ياه"، ولقبها جمهورها العربى بفيروز فلسطين، لعشقها أداء أغانيها على طريقتها الخاصة محققة معدلات استماع بالآلاف فى وقت قصير، ومن هنا كان أول سؤال لها هو "ما سر حبك الكبير لفيروز؟"، لترد قائلة: كبرت وتربيت على صوت السيدة فيروز وأغانيها، فكل صباح وقبل ذهابى إلى المدرسة، كان لابد لى أن أستمع إليها عبر الراديو، فصوتها يلامس قلبى بذكريات الطفولة والحنين إلى الماضى، وهى بالنسبة إلى مثلى الأعلى.
رغم دراستها الأساسية لإدارة الأعمال قررت لينا تحقيق حلم طفولتها والانطلاق وراء حلم الغناء، وفى هذا الشأن تقول: كنت أحلم بدراسة الموسيقى والغناء منذ طفولتى، وسعيت وراء حلمى من خلال الانضمام لجوقة المدرسة وفرقة الجامعة والاشتراك فى شتى الحفلات الموسيقية، كما درست العزف على آلة الكمان لأربع سنوات فى معهد إدوارد سعيد وأكاديمية بيت لحم للموسيقى، لكن لم تتسن لى فرصة دراسة الموسيقى فى الجامعة، فقررت أن أختار دراسة الإدارة والتسويق، أملًا فى أن تساعدنى مستقبلا فى حياتى الفنية.
بدأت لينا نجوميتها بالصدفة من تونس، بعد مشاركتها فى المهرجان الجامعى الدولى للموسيقى منذ 5 سنوات، وعن هذه المشاركة قالت: تعرفت هناك على الملحن البحرينى محمد الحسن، الذى أبدى إعجابه بصوتى وأقترح أن نتعاون فى عمل مشترك تجسد فى أغنيتى الأولى «رجّعلى ياه»، من كلمات خالد الشاعر، ورغم أن التحضيرات كانت صعبة، نظرًا لصعوبة التواصل بيننا، ظهرت الأغنية بعد عامين، وأنا شخصيا أعتبرها من أقرب الأغانى لقلبى ليس لأنها أول أعمالى وإنما لما تحمله من دلالات عن الوطن والحب والسلام.
حققت لينا نجاحًا جماهيريًا فى العالم العربى عبر أغانيها منها "انت يللى، أتوقع، وعم فتش"، وأعادت لينا تقديم مجموعة من الأغنيات القديمة مثل "حلوة يا بلدى" لداليدا، و"في يوم وليلة" لوردة، بجانب أغنيات فيروز، وعن السبب فى خوضها لهذه التجربة تقول: أرى أنه من الجميل أن يتم إعادة تقديم بعض الأغانى العربية القديمة من وقت لآخر بتوزيع جديد ومختلف مع ضرورة الاحتفاظ بروح العمل الأصلى، مما قد يدفعها للوصول إلى شريحة جديدة من جيل الشباب ويترك لهم المجال للعودة والتعمق فى تاريخ هذه الأغانى الخالدة التى ارتبطت بالجمهور على مر السنين، وأرى أن تأدية أى مطرب لروائع الزمن الجميل يعود إلى حبه لهذه الأغنيات وتأثره بها.
تعتبر لبنان حب من نوع خاص بالنسبة إلى لينا، وهى تجسد ذلك بإحساسها فى أداء أغنية فيروز "لبيروت" بإحساس بنت البلد الأصيلة، وعن السبب فى عشقها الكبير للبنان، قالت: لبنان بلد الفن والثقافة والجمال، أنجبت عمالقة الفن أمثال فيروز، وماجدة الرومى، والشحرورة صباح، ووديع الصافى، وزكى ناصيف، فمن الطبيعى أن أكون متأثرة بها، خاصة إنها كانت من أوائل الدول التى احتضنتنى فى بداية مسيرتى الفنية.