لا يزال العالم مليئًا بالأسرار والخفايا ولا يزال العديد من البشر مؤمنون بعقائد هم فقط من يدينون بها، طوائف ربما تجذب مئات فقط وأخرى يهتم ويؤمن بها عدد محدود وآخرون يعيشون بدون تكنولوجيا أو أي مظهر من مظاهر المدنية الحديثة.
ربما فكرت في إحدى المرات أن تقضي إجازتك على أحد الشواطئ مغلقا جميع هواتفك وبدون الكمبيوتر الشخصي ومتجردا من أي وسيلة من وسائل المدنية، شعب الآميش يناسبك لهذه العطلة.
شعب الآميش، أحد هؤلاء الشعوب غريبة الأطوار، يبلغ عددهم قرابة 250 ألفا موزعين على 22 مستوطنة في الولايات المتحدة وفي ولاية أونتاريو في كندا، يؤمنون بالانعزال عن العالم الخارجي وعن أي محاولات لدمجهم أو خلطهم بمجتمعات وتعاليم أخرى.
رغم أنهم يعيشون في أكثر المناطق انفتاحا ومدنية في الولايات المتحدة إلا أنهم يؤمنون بالعزلة ولذلك يتحدث معظمهم ثلاث لغات: لغة قريبة من الألمانية تسمى "بنسلفانيا داتش" في المنزل، ولغة قريبة أيضا من الألمانية تدعى "هاي جيرمان" في صلواتهم، والإنكليزية في المدارس.
في عام 1693 أسس مسيحي سويسري اسمه يعقوب آمان "یاكوب آمان" طائفة الآميش ، فروا إلى أمريكا هربا من ملاحقة الكثالوليك والبروتوستانت الذين يكفرونهم، إلى ولاية بنسلفنيا عام 1720.
ولشعب الآميش قوانين غريبة وغير مكتوبة فهم لا يؤمنون بالتغيير ومؤمنون بالالتزام بالعيش كما جاء بالإنجيل ولديهم مجلس "فتوى" يطلق عليه "أولد أوردر" وهم مجموعة من كبار السن المتدينين "المشايخ" يدرسون أي طارئ ويصدرون فتوى وفقا لما يرونه مطابقا لتعاليم الإنجيل وما يعرف فيما بينهم باسم "الأوردينان" وهي تعاليم إنجيلية تتبع بحذافيرها.
لا يؤمن شعب الآميش بالكهرباء واستخدامها ولا بالسيارات ولا النقود الحكومية الورقية إلا في حالات طارئة، يستخدمون العربات في حالة الضرورة وتجرها الخيول أو يستخدمون الخيول في تنقلاتهم.
ترتدي نسائهم الملابس المحافظة وذات الأكمام الطويلة واللبس الفضفاض ويغطين شعورهن ولا يسمح لهن بقصها ويلبسن غطاء الرأس الأبيض إذا كن متزوجات والأسود إذا كن غير متزوجات أما الرجال لا يحلقون لحاهم أبداً.
تحرم طائفة الآميش التصوير كما يحرمون لعب الأطفال بالدمي ويحرمون الموسيقى ولا يشربون الكحول ولا يؤمنون بالمعاشرة الجنسية قبل الزواج كما لا يؤمنون بالتأمين، فهم يعتبرون كل شيء قضاء وقدر ولا يستخدمون الهواتف النقالة بل ولا حتى الهواتف الأرضية، يجتمعون عند حصول مصيبة لأحدهم، كاحتراق حظيرته فمثلا، فيقوم الجميع عندئذ بالمشاركة ببناء حظيرة جديدة للمتضرر.