التراث المصرى حافل بالروائع التى وضعت الفن والغناء خصيصا فى مقدمة الأمم، فمنذ بدايات القرن العشرين، ونهضة فنية دبت فى مصر، فظهرت ألوان من الغناء الشرقى هى الموال والطقطوقة وغيرها، قليلون من تمكنوا من تملك قوة الصوت والنظم وإجادة العُرب والمقامات أصبحوا نجوما فى زمنهم لكن لا يعرفهم جيل "فيس بوك".
من هؤلاء النجوم الفنان وملك الموال "صالح عبدالحى" الذى تحل اليوم 16 أغسطس ذكرى ميلاده عام 1889، ولد صالح عبدالجواد خليل فى حى "الحنفى" تربى فى عائلة موسيقية، والدته هى شقيقة المطرب والصيت المعروف عبدالحى حلمى الذى كان يلتقى أهل المغنى فى بيت العائلة الذى وُلد وعاش فيه صالح ما أهله للتدريب على حفظ ألحان خاله.
ورث صالح الموهبة من خاله وردد وحفظ أغانيه وعندما كبر اختار اسم خاله ليكون لقبًا فنيًا له بعدما احترف الغناء بتشجيع من عازف العود "على الرشيدى" الذى قدمه لجلسات الطرب فى قصور الأمراء والوجهاء كما درّبه على حفظ لحن الدور المعروف "ياما أنت واحشنى" الذى وضعه رائد تلحين الدور محمد عثمان.
نجح ملك الموال نجاحا باهرا فى أوائل القرن العشرين، إلا أنه رغم ذلك قلت أدواره السينمائية والتى كانت ستكون سببا فى انتشاره ومعرفته أكثر وظهر أول مرة حينما أسند له المخرج هنرى بركات بطولة فيلم "الشريد" أمام زكى رستم وحسين رياض فى عام 1942 وهو الفيلم رقم 132 فى سجل أعمال السينما العربية فى مصر. وكان الظهور الثانى فى العام التالى فى فيلم "البؤساء" عام 1943 وكان صالح يغنى والفنانة أمينة رزق ترقص خلفه.
وكان ظهور عبدالحى الثانى عبر الشاشة، كان من خلال التليفزيون العربى عندما قرر التليفزيون العربى فى الستينات إبان الوحدة بين مصر وسوريا وطلب منه أن يسجل بعضًا من أغانيه بعدما أقعده المرض فى الخمسينيات.
غنى "صالح" فى هذا التسجيل التليفزيونى النادر الذى سبق رحيله عن الحياة بفترة قصيرة واحدًا من أشهر أعماله وهو "ليه يا بنفسج"، كما غنى أيضًا من تراث الغناء البديع "لما انكويت بالنار فرح العزول فيّه".
أما فى مجال المسرح الغنائى، فساهم به كثيرا ودعمه الحظ فى ذلك حينما اختلفت منيرة المهدية مع محمد عبد الوهاب عام 1927 أثناء تقديمها للمسرحية الغنائية "كليوباترا ومارك أنطوان"، دعت منيرة صالح عبد الحى لكى يقوم بدور انطونيو. وبعد هذه التجربة، ألف فرقة مسرحية غنائية باسمه عام 1929، ولحن له زكريا أحمد ومحمد القصبجى، ولكن كان المسرح الغنائى قد أفل نجمه. وبدت الأزمة الاقتصادية العالمية تؤثر على الاقتصاد المصرى، فتدهور المسرح الغنائى وحلت فرقة صالح عبد الحى المسرحية. ورحل الرائع صالح عبدالحى عن عالمنا فى 3 مايو عام 1962.