سيد درويش هو موهبة موسيقية لم يسبق لها مثيل، ولم تتكرر بعد منذ وفاته فى بداية الألفية الماضية، كانت ألحانه ذات طابع سياسى واجتماعى، معالج ومستصاغ ليكون سهل التقبل، عاش حياة قصيرة لكنها مليئة بالنجاحات والإبداع الذى ما زالت سيرته خالدة إلى الآن.
ولد سيد درويش 1892 باﻹسكندرية، وهو واحد من أهم الموسيقيين العرب على مدار التاريخ، ويعتبر مجدد الموسيقى العربية، ولد درويش لأسرة متوسطة الحال، التحق وهو فى الخامسة من عمره بأحد الكتاتيب ليتلقى العلم ويحفظ القرآن، وبعد وفاة والده وهو فى السابعة من عمره، قامت والدته بإلحاقه بإحدى المدارس، وهنا بدأت تتضح موهبة درويش الفنية من خلال مدرسته وحصة الموسيقى باﻷخص.
قبل التحاقه بالفن عمل درويش كعامل بناء، ثم سمعه الأخوان أمين وسليم عطا الله عن طريق الصدفة، وهما من أشهر المشتغلين بالفن فى ذلك الوقت، وقررا أن يصطحباه برفقتهما فى رحلتهما الفنية إلى الشام عام 1908، وهناك تعرف على الشاعر الملا عثمان الموصلى، الذى أعجب بموهبة درويش الفنية الكبيرة وقرر أن يرعاه فنيا، فحفظه التواشيح وعلمه الكثير من علمه، بعدها عاد درويش إلى القاهرة وظل فترة من الزمن يتنقل بين عمل وآخر حتى تعاقد معه الأخوان عطا الله، وأصبح فردا من فرقتهما الموسيقية.
سافر مرة أخرى إلى الشام وكانت هذه هى نقطة الانطلاق الحقيقية فى مسيرة درويش الفنية.
وكانت أول ألحانه التى قام بتأليفها "يا فؤادى ليه بتعشق"، ثم انتقل بعدها إلى القاهرة وهناك لمع نجمه أكثر وزادت شهرته بعد أن قام بتلحين كل روايات الفرق المسرحية فى شارع عماد الدين أمثال فرقة "نجيب الريحانى"، "جورج أبيض" و"على الكسار". تنوعت ألحان درويش واختلفت مقاماتها وقوالبها وقد كان هذا سبب تميزه وتفرده.
ويعد درويش من أوائل الفنانين الذين ربطوا الفن بالسياسة والحياة الاجتماعية فنجده غنى فى مناسبات عديدة مثل أغنية "قوم يامصرى" التى غناها أثناء ثورة 1919، أيضا نشيد "بلادى بلادى" الذى اقتبس فيه بعضا من كلمات الزعيم الراحل مصطفى كامل، وأغنية "الحلوة دى" التى غناها تضامنا مع الحرفيين والفئات العاملة بالمجتمع، فقد كان هدف الموسيقى المصرية قبل درويش الطرب فقط، ولكن سيد درويش جعل منها مهنة أكبر وأهم، فقد استخدمها فى الجهاد الوطنى والإصلاح الاجتماعى.