"الإيقاعات مش بس طبلة ورق".. من هذا المنطلق الذى تنحصر فيه مسميات الموسيقى الإيقاعية لدى المجتمع العربى، اتخذت مدينة "سوسة" فى قلب تونس الخضراء على عاتقها مسئولية إعادة إحياء ثقافة الإيقاعات الموسيقية بشكل احترافى، وتقديمها للجمهور العادى بشكل وجبة كرنفالية مركزة، عبر خلق فكرة "أول مهرجان موسيقى إيقاعى رسمى"، يعتمد بالكامل على تسليط الضوء على مختلف تصنيفات المزيكا الإيقاعية من حول العالم، وجمعها فى شكل مهرجان واحد، على مدار أسبوع كامل، تحت مسمى "Fipems".
"زلزال إيقاعى" يضرب سوسة السبت المقبل، بالتزامن مع اشتعال وصلات الرقص الإجبارية لجمهور المزيكا فى أنحاء المدينة مع انطلاقة تجربة كرنفالية هى الأولى من نوعها تقتحم فضاء الحفلات فى الشرق الأوسط، تحت شعار "المهرجان الدولى لإيقاعات العالم"، يضم فى جعبته أبرز التجارب الموسيقية فى مجال الإيقاعات من تونس امتدادًا إلى كوبا ووصولًا للهند، يستمر على مدار أسبوع، تستقبل حفلاته الرسمية خشبة المسرح البلدى فى سوسة، إلى جانب مجموعة من اللقاءات والورش المشتركة والفعاليات الجماهيرية فى الهواء الطلق.
ويضع الظاهرة الموسيقية الكوبية أبرهام ماناسفارول ومجموعته الموسيقية بصمته الساحرة فى حفل الافتتاح، ومن قبلها عرض شارع لفرقة "براميل الجم"، فى حين تبدأ العروض الرسمية للحفلات الجماهيرية من يوم الثلاثاء المقبل، مع الفنان التونسى هشام مزقو وعرض "مزج"، وقبل الحفل صباحًا عرض شارع لفرقة "افريكا فاميلى"، ويليه فى اليوم التالى صباحًا عرض شارع لفرقة حزب المهدية" يليها ليلًا العرض المنتظر لفرقة دوهاد الهندية "غجر راجستان".
ومن ثم الخميس يحين الموعد مع الفنان التونسى مجد بوخضير فى ختام اليوم الرابع للمهرجان، بينما يسبقه عرض جديد لحزب المهدية ومن قبله بساعتين مائدة مستديرة وندوة مفتوحة عن "الثقافة ومواجهة الإرهاب والتطرف"، وصولًا إلى الظهور الاستثنائى للموسيقى الإيرانى حبيب مفتاح ومجموعته الموسيقى قبل ختام المهرجان بيوم، بينما يسبقه عرض "فرقة بعزيز" وندوة "فنانون ضد الفساد"، ليسدل الستار رسميا على فعاليات الكرنفال، بعرض شارع "طبال قرقنة"، ومن بعده الحفل الأكبر على طريقة برنس الإيقاعات التونسية عماد عليبى، وشو موسيقى مشترك مع فرقة دوهاد مساء السبت 23 ديسمبر.
المهرجان يتخطى بفكرته حدود انحصاره فى فكرة الحفلات فقط، فالهدف الأساسى منها مثلما كشف أنيس بوفريخة، رئيس جمعية "نحن نحب سوسة" ورئيس المهرجان الدولى إثراء الثقافة الإيقاعية للجمهور العادى والمحترفين على حد سواء، بتقديم مزيج سماعى ومرئى يجمع بين "لقاءات" و"ورش عمل" موسيقية رسمية بين عدد من الموسيقيين المحليين ومنهم التجارب الجديدة فى المجال بالداخل التونسى مع نظيراتها العالمية من الدول المشاركة، لفرصة تبادل الخبرات والرؤى الفنية، مع رى عطش "الشارع التونسى" للإيقاعات بوصلات موسيقى لايف لا تنحصر داخل مسرح، وإنما فى الهواء الطلق عبر تسليط الضوء على فنون الشارع ""street arts"، حيث يضم عددًا من العروض الجماهيرية الحية فى عدد من شوارع سوسة تعطى الفرصة للفرق الصاعدة بالمجال.
كما يهدف المهرجان بجرعاته المركزة من الموسيقى الإيقاعية إلى تغيير الفكرة المتداولة عن هذا النوع من المزيكا بشكل عام، حيث إنه من النادر جدًا فى المجال الموسيقى عامة تقديم فكرة إقامة مهرجان موسيقى متكامل يعتمد بالأساس على الإيقاع فقط، خاصة فى العالم العربى، نظرًا للفكرة المجتمعية المتأصلة حول ماهية هذه الموسيقى باعتبارها فقط "طبلة ورق ورقص"، مع وصف فنانينها بـ"طبالين" دون التعمق فى تفاصيل وأنواع المزيكا نفسها، مثلما أوضح عماد عليبى، المدير الفنى للمهرجان، مع إصرار الإدارة المنظمة لها والمتمثلة فى عليبى وأنيس على اختيار كلمة "التحدى" شعارًا للمهرجان، لما تمثله الكلمة نفسها من معنى رسالة الفن والموسيقى عامة باعتبارها الدرع الواقى ضد الإرهاب والتطرف الفكرى بأنواعه، واعتبار الموسيقى الإيقاعية حمامة سلام تجمع مختلف الشعوب فى "رقصة تهدئة" على وقع إيقاعاتها دون النظر لاختلاف لون وثقافة وفكر وجنسيات.