أزمة شغلت حيزا كبيرا من أروقة الوسط الفنى بعد إعلان مهرجان القاهرة السينمائى تكريم المخرج والكاتب الفرنسى الكبير كلود ليلوش فى افتتاح الدورة الـ40 للمهرجان، التى تنطلق 20 نوفمبر المقبل وتختتم فعالياتها يوم 29 من نفس الشهر، إذ تلاحق "ليلوش" اتهامات بانتمائه للصهيونية على خلفية تصريحاته المؤيدة لإسرائيل ونقلتها صحيفة The Jerusalem Post عام 2016 وقال خلال تواجده فى تل أبيب: "سعيد للغاية لوجودى فى إسرائيل.. أشعر دائما بالقرب من هذا البلد.. لقد كنت هنا لمرات عديدة وعندما أكون هنا أشعر أننى فى بيتى.. إنها دولة أحبها كثيرا وأقدّر دائمًا حقيقة أنك تعيش فى إسرائيل بصعوبة وانعدام للأمان".
تصريحات "ليلوش" تحمل تحيزًا واضحًا للكيان الصهونى ضد الفلسطينيين، تلك القضية الحساسة والأهم فى منطقة الشرق الأوسط عبر عقود مضت، وبرر القائمون على المهرجان تلك التصريحات الواضحة والتى لا تحتمل أكثر من تأويل على أنها من باب المجاملة، بل أصر محمد حفظى رئيس المهرجان على عدم التراجع عن تكريم ليلوش، وقال فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": " ليلوش ليس لديه موقف معاد للعرب أو الإسلام وليس من المنطقى أن أى مخرج أو فنان زار الأراضى المحتلة نعتبره عدوًا للعرب ولو تصرفنا كذلك هنفضل فى عزلة نخاطب أنفسنا فقط" وبذلك يضع حفظى الجمهور المصرى أمام خيارين إما التغاضى عن تهم التطبيع أو العزلة.
بعدها تداولت أنباء عن تراجع القاهرة السينمائى عن تكريم ليلوش ليصدر المهرجان بيانا نفى فيه تلك الأنباء، معلنا أن القائمين على فعالياته ما زالوا يبحثون أزمة المخرج الفرنسى، التى أعادت قضية "التطبيع" فى الوسط الفنى من جديد، إذ طالت تلك التهمة شخصيات فنية وأعمالا سينمائية عربية، منهم من تبرأ منها وآخرون لم يجدوا حرجًا من الإعلان عن تبنيهم التطبيع مع الكيان الصهيونى، فمن حين لآخر تَصعد قضية التطبيع مع إسرائيل إلى المشهد الفنى، تصاحبها اتهامات بالخيانة.
مهرجان شرم الشيخ السينمائى
لم يكن مهرجان القاهرة الوحيد الذى وجهت له تهمة التطبيع، إذ واجه نفس التهمة مهرجان شرم الشيخ السينمائى، بعد إعلانه استضافة المخرج إياد حجاج وعرض فيلمه "أحلام لم تراودنى" ضمن المسابقة الرسمية، وأصدرت إدارة المهرجان بيانا دفاعا عن موقفها وعن الرجل جاء فيه: ""تؤكد إدارة المهرجان اعتزازها باستضافة الممثل والمنتج والمخرج الفلسطينى المناضل إياد حجاج، وعرض فيلمه "أحلام لم تراودنى" فى إطار المسابقة الدولية للأفلام الطويلة.. وتستنكر إدارة المهرجان ما تردد فى بعض المواقع من أكاذيب وترهات ومزاعم ليس لها أى أساس من الصحة حول الفنان الفلسطينى الغزاوى المناضل، الذى ضغط عليه أهله لكى يخرج من غزة متجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1998 خوفا على حياته من بطش قوات الاحتلال الإسرائيلية.. وعلى الصعيد الفنى، لم يشارك المناضل الفلسطينى فى أى فيلم أو عمل فنى إسرائيلى، ولم يتعاون مع أى جهة إسرائيلية، بل لم يشارك فى أى عمل فنى من إنتاج أى جهة يناقش الصراع العربى الإسرائيلى أو يطرح فكرة التطبيع من قريب أو بعيد.
زاوية تعرض فيلما لمخرج لبنان متهم بالتطبيع
ووجهت سهام التطبيع لسينما زاوية التى عرضت فيلم "قضية 23" للمخرج اللبنانى زياد الدويرى، المتهم بـ
"التطبيع" مع الكيان الصهيونى، وسط دعوات رافضة لعرض الفيلم فى مصر على غرار منعه فى لبنان، بموجب قانون مقاطعة إسرائيل الصادر عام 1995، بالإضافة إلى منع عرضه فى فلسطين، ورفعه من سينما رام الله.
وذكرت الحملة الشعبية لمقاطعة إسرائيل، فى بيان، أسباب دعوتها الرافضة لعرض الفيلم، ومنها أن المخرج مطبع وأشرك ممثّلين إسرائيليين وطاقم فنى إسرائيلى فى فيلمه "الصدمة"، وأنه دخل إلى الكيان الصهيونى لتصوير مقاطع من فيلمه على امتداد 11 شهرًا، مشددة على أن فيلم "القضية 23" مهين للفلسطينيين ويساوى بين الجلاد والضحية.
محمد حفظى
محمد حفظى رئيس مهرجان القاهرة السينمائى وجهت إليه تهمة التطبيع قبل واقعة "ليلوش" بعد تداول أخبار عن اشتراكه فى إنتاج فيلم "حادثة النيل هيلتون" الذى يحمل تشويهًا لصورة الشرطة المصرية وعرض فى أحد المهرجانات الإسرائيلية، ورد حفظى ببيان جاء فيه: أؤكد.. أننى لست شريكا فى إنتاج الفيلم واسمى واسم شركتى غير متواجدين على الإطلاق فى أى مكان بتتر الفيلم سواء فى تتر النهاية أو البداية، وأننى لست مسؤولا عن مضمون الفيلم أو عرضه فى إسرائيل أو أى مكان آخر".
سمير فريد
وطالت اتهامات التطبيع الناقد الفنى الراحل سمير فريد الذى تولى إدارة المهرجان لمدة عام واحدة فقط عام 2017، إذ كان يرى أن العلاقات السياسية متغيرة، لكن العلاقات الفنية دائمًا مستمرة، ويؤمن بعرض أى أفلام لمختلف الجنسيات حتى وإن كانت تحمل إنتاجا إسرائيليا، فما ذنب أفلام مبدعى "عرب 48" إذ نشأوا فى بلد مستعمر – على حد قوله -
وأوضح فى تصريحات له أن اختيار الأفلام يجب أن يكون مبنيا على القيمة الفنية، وأنه رغم العلاقة الوثيقة بين الفن والسياسة إلا أن هذه العلاقة لا تعنى الارتباط بالاتفاق أو الخلاف مع الحكومة المصرية، لأن الحكومات تتغير والخلافات تزول، وتبقى العلاقات بين الشعوب مستمرة، خاصة فى مجالات الفنون، كما أن هذا لا يعنى عرض أفلام دعاية سياسية لأى نظام، لكنه عاد ليحسم الخلاف حول موقفه من التطبيع بمقال بعنوان "رفض التطبيع الثقافى مع إسرائيل موقف تاريخى يجب حمايته من الفاشيين".
الشيخ جاكسون
بعد إعلان عرض فيلم الشيخ جاكسون فى مهرجان "حيفا المستقل للأفلام السينمائية" المقام فى إسرائيل، اتهم القائمون على العمل بالتطبيع بالإضافة إلى نيله من المقدسات، وتباينت الآراء بين مدين ومدافع ووضع تفرقة بين التطبيع مع إسرائيل، ودعم فلسطينيى 48، وذلك رغم إعلان المهرجان أنه هيئة فلسطينية مستقلة، لا تقبل الدعم من أى جهة أو مؤسسة إسرائيلية، وتهدف إلى وضع حيفا العربية على خريطة السينما العالمية.
وكانت حجة المعارضين الرافضين للمهرجان أن المشاركين بالمهرجان سيحصلون على ختم إسرائيل على جوازات سفرهم أثناء الدخول إلى فلسطين المحتلة.
3 أفلام مغربية تعرض فى مهرجان حيفا السينمائى
كان للإعلان عن مشاركة ثلاثة أفلام مغربية فى مهرجان حيفا السينمائى وقع الصدمة على الوسط الثقافى والفنى والعربى، وهى "غازيا" (الغارة) لنبيل عيوش، الذى مثّل المغرب فى تصفيات أوسكار أفضل فيلم أجنبى، و"بدون وطن" للمخرجة نرجس النجار، الذى عرض فى مهرجان برلين الدولى، ثم "صوفيا" للمخرجة مريم بنمبارك الذى اختير للمشاركة فى دورة مهرجان كان 2018 ضمن فئة "نظرة ما".
واستنكر المرصد المغربى لمناهضة التطبيع مشاركة الأفلام الثلاثة فى المهرجان الإسرائيلى السينمائى.
فنانون توانسة نادوا بالتطبيع
فى صيف سنة 2010 فوجئ التونسيون بفيديو انتشر فى مواقع التواصل الاجتماعى لفنان تونسى يدعى "محسن الشريف" يغنى فى إحدى الحفلات التى يحضرها يهود من أصول تونسية فى فلسطين المحتلة، وهو يصيح على المسرح "يحيا بيبى"، قاصدا رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وتعرض إلى حملة فى مختلف وسائل الإعلام التونسية ومواقع التواصل الاجتماعى دفعته إلى الانسحاب من الساحة الفنية بجانب اعتزاله مجتمعيا، ليختفى تماما ممتنعا عن إقامة حفلات.
وأعلن الفنان التونسى قاسم كافى فى أحد البرامج الإذاعية المحلية العام الماضى أنه زار الأراضى الفلسطينية المحتلة 4 مرات، وغنى فى تل أبيب.
ولم يكتف كافى خلال المقابلة بذلك، بل أضاف أنه ليس الوحيد الذى غنى فى فلسطين المحتلة، وذكر فنانين آخرين هما كمال رؤوف النقاطى ونور الدين الكحلاوى، وهم فنانون اشتهروا بتقديم الأغانى التونسية الشعبية.
على سالم
"زيارتى لإسرائيل لم تكن رحلة حب، بل هى محاولة جادة للتخلص من الكراهية"، هكذ كان رأى الكاتب المسرحى الكبير على سالم صاحب "مدرسة المشاغبين" فى كتابه "رحلة إلى إسرائيل".
ومن المعروف عن على سالم أنه واحد من الكُتاب الذين لم يخشوا الجهر بضرورة التعاون مع إسرائيل، يؤمن بإقامة علاقات طبيعية مع تل أبيب، بعدما وقعت مع مصر اتفاقية سلام فى نهاية السبعينات.
وقال ضمن ما قاله عن زيارتهلـ تل أبيب: "الإسرائيليون هم بشر مثلنا، يتكونون من أطياف مختلفة، تشمل اليهود، واليهود من أصول أوروبية، بجانب عرب مسلمين ومسيحيين، وهم أقرب شعوب العالم للمصريين.. أما عن الدولة فهى ليست لها صفات ثابتة، لكن ما يميزها قدرة الحكومة على كبح جماح المتطرفين" – على حد قوله -
كرّر سالم زيارته لإسرائيل نحو 15 مرة، وحصل على تكريم من جامعة بن جوريون الإسرائيلية عام 2005، لكن الدولة منعته من السفر آنذاك، وفى رد فعل على تصريحات سالم أعلن اتحاد الكتاب فصله، وتعرّض لحصار فى الوسط الثقافى، وظل فترة كبيرة بعيدًا عن الكتابة الصحفية.
بسمة وخالد أبو النجا
خالد النبوى وبسمة لاحقتهما تهمة التطبيع بعد مشاركتهما فى مسلسل يحمل عنوان "الطاغية" من تأليف وإخراج الإسرائيلى غيديون راف، ويشارك فى إنتاجه شركةKeshet Media Group الصهيونية .
وكتبت الصفحة الرسمية لسفارة إسرائيل فى القاهرة منشورا جاء فيه: "الممثلة المصرية بسمة تعود بعد غياب فى مسلسل إسرائيلى لتلحق بالفنان خالد أبو النجا".
الفنان أشرف زكى نقيب الممثلين تواصل مع بسمة وخالد أبو النجا، وأكدا له أن المسلسل أمريكى وليس إسرائيليا، وليس له مخرج واحد، فكل حلقة لها مخرج مختلف.
عمر واكد
تعرض الفنان المصرى عمرو واكد للاتهام بالتطبيع بعد مشاركته فى مسلسل "بيت صدام"، وهو مسلسل قصير يتناول حياة الرئيس العراقى الراحل، صدام حسين، الذى قام بدوره الممثل الإسرائيلى "إيجال ناعور".
ورد واكد بإعلانه رفضه التام للتطبيع مع إسرائيل، لكنه نادى بعرض الأفلام الإسرائيلية فى مصر، فى محاولة لاختراق مجتمعهم كما يفعل الجانب الإسرائيلى الذى يعرض جميع الأفلام المصرية ليعرف أدق التفاصيل عن مجتمعاتنا.
ودافع "واكد" عن مشاركته فى مسلسل بيت صدام الذى أنتجته شبكة BBC، واكتشف فيما بعد أن الممثل الذى سيقوم بدور البطولة يحمل الجنسية الإسرائيلية، وقال فى تصريحات إعلامية: "لو كنت علمت أن البطل الرئيسى فى العمل يحمل جنسية إسرائيلية لما كنت سافرت أو شاركت فيه على الإطلاق، لكنى الآن - وبعد عرض العمل ونجاحه- أقول أننى كنت سأندم لو فعلت ذلك، وسأشعر أنى تصرفت فى موقف بدافع الخوف".