تمر اليوم الأربعاء، ذكرى رحيل الفنانة ليلى مراد أحد أشهر وأهم مطربات الزمن الجميل، التى أثرت السينما والإذاعة المصريتين بالعديد من الأعمال الخالدة فى تاريخ الفن المصرى، وفى ذكراها نسلط الضوء على مراحل شائكة فى حياتها أهمها إشهار إسلامها واتهامها بالتبرع إلى إسرائيل.
المؤلف أشرف غريب أصدر كتابا بعنوان "الوثائق الخاصة لليلى مراد" ورصد قصة إسلام ليلى كما روتها هى بنفسها إذ قالت إنها أيقظت أنور وجدى فى فجر أحد الأيام، وسألته: سامع يا أنور صوت الأذان".، فرد أنور دون اكتراث وهو يحاول ألا يفلت النوم من بين جفونه خصوصا أنه لم يكن قد استغرق فيه: معقولة يا ليلى بتصحينى عشان تسألينى سامع صوت الأذان؟.. أيوة يا ستى سامع.
فبادرته بالسؤال الذى جعله يقوم من رقدته ويعتدل لها:
أنت ليه يا أنور ما طلبتش منى إنى أكون مسلمة ساعة ما طلبتنى للجواز؟
فأجاب الرجل وقد أدرك أن فى الأمر شيئا:
يا ليلى يا حبيبتى أنا اتجوزتك أنتِ لشخصك وما كانش فارق معايا أنتِ مسلمة أو يهودية خصوصا أن الإسلام إدانا الحق فى كدة، وأنا ما حبيتش أتكلم فى الموضوع ده أبدا عشان مؤمن بأن دى حرية شخصية، وكل واحد حر فى دينه.
فقالت له ليلى وهى فى حالة من الخشوع والحسم: أنور.. أنا عاوزة أبقى مسلمة، من زمان وأنا بفكر فى الموضوع ده، وكل يوم فى الفجر أسمع صوت الآذان وأحس إنى قربت خطوة من القرار ده، والليلة دى قررت أنى أكون مسلمة فتهللت أسارير أنور، وأمسك كتفيها وهو يقول لها: صحيح يا ليلى عاوزة تبقى مسلمة؟ فأجابت والخشوع يسيطر عليها: أيوة يا أنور صحيح عن ارتياح واقتناع، وربنا يقدرنى إنى أرضيه وابقى قريبة منه".
وختمت ليلى مراد حكايتها مع هذه الليلة بأنها نطقت بالشهادتين فى ذلك اليوم، وتطهرت وتوضأت، وصلت مع أنور وجدى ركعتين لله، وأتبعتهما بصلاة الفجر، وعندما أشرقت الشمس استدعت فضيلة الشيخ محمود أبو العيون أحد علماء الأزهر الشريف، وكان قريب الصلة بأهل المجتمع، وأسرت إليه بما حدث، وأعادت أمامه نطق الشهادتين، وطلبت منه أن يعلمها أصول الدين الصحيح وكيفية أداء العبادات، وبالفعل واظب العالم الجليل على ذلك.
وفند أشرف غريب الاتهامات التى طالت ليلى حول سفرها لإسرائي ودعم إسرائيل، وجاء فى الكتاب أن شائعة سفرها إلى تل أبيب خرجت بعدما نشرت صحيفة الأهرام صبيحة 12 سبتمبر 1952 خبراً جاء فيه: "منعت الحكومة عرض أفلام ليلى مراد وإذاعة أغانيها من راديو دمشق، لأنها زارت إسرائيل وتبرعت بخمسين ألف جنيه لحكومتها".
ورأى مؤلف الكتاب أن الحكومة السورية استندت إلى شائعة قائلا إن زيارتها لإسرائل ــ لو كانت تمت بالفعل ــ لاستفادت منها الدولة الصهيونية إعلاميا، لكن السلطات السورية آنذاك لم تكلف نفسها إعمال المنطق فى أمر هذه الزيارة المثيرة، متسائلا؛ لماذا ستقوم ليلى مراد بزيارة إلى إسرائيل وهى تنوى البقاء فى مصر؟ فلو كانت مؤمنة بها لكان الأجدى أن تهاجر إليها أو تترك مصر على الأقل، وإن كانت ترغب فى مواصلة مشوارها الفنى بالقاهرة، فهل من المعقول المغامرة باسمها وتاريخها ونجاحها بخطوة غير مجدية كهذه، خصوصا أن أحداً لم يجبرها قبل ذلك التاريخ بخمس سنوات على التحول من اليهودية إلى الإسلام.
ويكمل الكاتب: "حينما نشرت الأهرام هذا الخبر القنبلة كانت "مراد" فى العاصمة الفرنسية باريس، ولذلك لم تغب القنصلية المصرية فى باريس عن المشهد، وبعد أيام قام أحد موظفى القنصلية بتسليم ليلى مراد أول وثيقة مهمة كان لها دورها فى حشد أدلة براءتها طالبا منها التوقيع على الاستلام، وتتمثل فى بيان بتحركات ليلى مراد.
وعن رد فعل ليلى مراد على الخبر المنشور بالأهرام، أوضح الكاتب أنه أصابها لحالة من الانزعاج، فبعد ساعاتٍ قليلة وقبل أن تفيق من الصدمة كذبت الخبر فى الأهرام، وكذلك بادرت بالتقدّم إلى القنصلية المصرية فى باريس بطلب بيان تحركاتها هناك منذ وصولها إلى فرنسا وحتى تاريخه، ونشرت فى يوليو من العام 1958 مقالاً بعنوان "كنت فى باريس يوم 23 يوليو"، وهو المقال الذى كتبته بنفسها لمجلة الكواكب.
ولم يقف الفنان أنور وجدى الذى كان قد أصبح طليق ليلى مراد آنذاك، موقف المتفرّج. فبعد 9 أيام فقط من نشر الخبر فى الأهرام، أرسل خطابا للجريدة بخط يده من باريس حيث كان يخضع للعلاج هناك، ينفى فيها الخبر.