"صار الوقت يا ناس نصرخ على العالى، ما فى وقت طار البلد يا ناس عم تنطفى الأحلام والوعى فينا نام كلمالا لقدام عم تصعب الحالة".. أحدثت هذه الكلمات "زلزالًا" مدويًا هز أرجاء لبنان على مدار يومين متتاليين، بعد تقديمها على لسان فارس الأغنية اللبنانية راغب علامة، الذى فاجأ الملايين من محبيه بملحمة غنائية "ثورية" ينتقد خلالها الوضع السياسى الجارى فى موطنه الأم.
البداية كانت ببساطة بمجرد أغنية طرحها فجأة علامة عبر منصة "يوتيوب" تحمل اسم "طار البلد"، ووجه خلال كلماتها الجريئة عتابًا للمسئولين السياسيين فى البلد ممن تسببوا فى "طيران البلد" و"عدم استقراره"، كما أشعل أول فتيل لنيران "ثورة اجتماعية" بتوجيه رسائل للمجتمع اللبنانى للخروج عن صمته تجاه "التنازلات السياسية"، والوقوف بجانب البلد فى محنتها معًا ضد من تسببوا فى إيذائها، فيما يشبه الدعوة إلى "ربيع لبنانى" بمجرد أغنية لم تتجاوز الدقائق الأربع، لتحوز الأغنية انتشارًا عد بمثابة "غزوها" لمنصات السوشيال ميديا لجرأتها ولعدم "توقعها" فى نفس الوقت.
لكن يبدو أن كلماتها الجريئة، و"الثورية" لم تعجب "أصحاب البلد" لما فيها من لهجة تهديد لمناصبهم، ليخرج النظام بأغرب تعليق "غير محترف بالمرة" على الأغنية على لسان النائب حكمت دياب، أحد أذرع كتلة الرئيس ميشال عون النيابية المؤثرة، مستخدمًا تعبيرات "خانته" و"أقامت عليه الدنيا"، بقوله نصًّا فى أحد البرامج التليفزيونية: "الرئيس "هيدا لازم يطير راسو، شو يعنى طار البلد؟ شو هل اللامسؤولية"، لتقوم الدنيا حرفيًا ولم تهدأ، حيث تم شن حرب إلكترونية عبر منصات السوشيال ميديا انطلاقًا من تويتر بآلاف التغريدات الجماهيرية ونخبة من ألمع نجوم لبنان والعالم العربى ممن قرروا الوقف في صف علامة تجاه ما وصفوه بالتهديد لأيقونة لبنان الفنية، وأحد رموزها، بداية من تعليق علامة نفسه المختصر فى جملة: "بوجود نواب يهددون بقطع رأسنا ويتصرفوا علنا كدواعش.. أكيد طار البلد.. انت خفت من أغنيتى وعم تهددنى"، لتنهال على راغب التويتات من رموز الفن، أبرزها عاصى الحلانى وكارول سماحة، وصولًا لمساندة نقابة الفنانين المحترفين بلبنان له، والوقوف بجانبه، مستنكرة على لسان الفن اللبنانى تلك التهدادات التى خرجت على لسان "نائب محترم".
أخيرًا، بدأت نيران الغضب تأكل الأخضر واليابس على مدار يومين متتاليين، مع تصدر هاشتاج راغب علامة و كلنا راغب علامة لتريندات تويتر، مع آلاف التغريدات من الجمهور والفنانين العرب ممن اتخذوا صف علامة في مواجهة "الجهل الفكري" و"الرعب من أغنية" المتمثل فى النظام اللبناني، ليرفع علام سقف التحدى وطلب من الجهات الأمنية ووزارة الداخلية وتوجيه رسالة للرئيس اللبنانى مباشرة يبلغه بأنه "تلقى تهديد بالقتل" مطالبًا برفع الحصانة البرلمانية عن النائب حتى تتم محاكمته، ونالت مطالباتها صدى ومساندة الجميع، حتى هدأت وتيرة الصراع بشكل مفاجئ منذ أقل من ساعة زمن عندما قرر علامة التراجع عن طلبه بسحب الحصانة، واكتفى بتعليقه "الشعب حاكم حكمت ديب وهذا يكفيني، الشعب عرف من الظالم ومن المظلوم لن أدخل في انتقام ثم أن رفع الحصانة أمر لن يتحقق في ظل ظرف سياسي كلنا يعرفه ما رح يعملوها… الله يسامحه وأكيد لن يعيدها".