يعد كتاب "الثقة: الفضائل الاجتماعیة ودورھا فى خلق الرخاء الاقتصادى" أكثر كتب فوكوياما انفتاحا وإنسانیة، سواء فى مواجھته التمركز الغربى على الذات.
حدث ذلك لأن الكتاب يطرح النموذج الآسیوى مثالا آخر فى التطوير الاقتصادى وتنمیة رأس المال الاجتماعى، ويرى أن على الولايات المتحدة وأوروبا وبقیة دول العالم أن تتعلم الكثیر من الدروس والعبر من الدرس الآسيوى.
كما يسعى "فوكوياما" إلى تحرير علم الاجتماع من استعمار الاقتصاديین الطويل لأكثر من قرن، كذلك إصراره على إمكانیة بل ضرورة التفاعل بین ثقافات العالم، رغم اختلافھا وتباين درجات عقلانیتھا ومدى تقبلھا الحداثة السیاسیة (الديمقراطیة) والاقتصادية (السوق الحر) بالنسب التقريبیة التى اقترحھا (80% و20% خصوصیة).
ويطرح كتاب الثقة، علاوة على ذلك، مجموعة قضايا وتساؤلات وإجابات مباشرة وغیر مباشرة تشكل بمجموعھا الھم الأساس فى الخطاب العالمى المعاصر.
وترى مقدمة الكتاب أن مايثيره الكتاب الھم الأساس الذى ينبغى أن يشغل الحیز الأكبر من تفكیر العقل العربى الحديث ويعید برمجة أولوياته، فیضع فى مقدمتھا بناء المجتمع المدني، وتعزيز المؤسسات الوسیطة، وتنمیة رأس المال الاجتماعي، وإقامة المؤسسات السیاسیة والاقتصادية الحديثة على أسس عقلانیة تتجاوز الولاءات الأسروية والقبلیة والطائفیة والدينیة والإثنیة، وصولا إلى علاقات المواطنة والثقة المجتمعیة الأعم.
لذلك يبقى الثقة – باعتقادنا – كتابا مھما ومفیدا للقارئ العربى فى المرحلة المربكة الراھنة والمستقبل المنظور.