فى مثل هذا اليوم الموافق 28 مايو من عام 2010 رحل عن عالمنا أسطورة الدراما فى مصر العالم العربى وملكها الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، بعد أن جعلنا نرى أنفسنا ومشاكلنا وحياتنا وصراعاتنا على الشاشة، فى أعمال كتبت الخلود لاسمه، وشكلت وعى أجيال كاملة.
استطاع أسامة أنور عكاشة أن يغوص فى أعماق المجتمع المصرى وتاريخه، لينتج دراما تعبر عن هذا المجتمع يمكن من خلالها أن ترى صورة لمصر وشعبها وتاريخها عبر العصور فى مختلف أعماله التى كانت تحظى بشعبية وجماهيرية كبيرة فى العالم العربى، ومنها: (ليالى الحلمية، الراية البيضا، المصراوية، عفاريت السيالة، أميرة فى عابدين، زيزينيا، امرأة من زمن الحب، أبو العلا البشرى، أرابيسك، وما زال النيل يجرى، ضمير أبلة حكمت، أنا وانت وبابا فى المشمش، الحب وأشياء أخرى، الشهد والدموع)، وغيرها عشرات الأعمال المحفورة فى أذهان الملايين.
وكسر أسامة أنور عكاشة قاعدة أن الجمهور يسعى وراء اسم الفنان بطل العمل فقط ليكون اسم المؤلف جواز مرور وصك جماهيرية يضمن جودة العمل ونسب المشاهدة المرتفعة، ويحفظ الجمهور بكل فئاته وطبقاته اسم أسامة أنور عكاشة، ويسعى وراء أعماله الخالدة التى تزداد قيمة كلما مر عليها الزمن، وتحظى بنسب مشاهدة مرتفعة مهما تمت إعادتها لتكتسب يوميا جمهورا جديدا من أجيال جديدة، وهو ما يؤكد أن أعمال أسامة أنور عكاشة صالحة لكل الأوقات؛ لأنها عبرت بصدق عن المجتمع.
كانت لمسيرة حياة الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة وثقافته وخبراته دور كبير فى أن يصبح قلمه كاشفا معبرا بصدق عن حال المجتمع ومواطنيه، حيث ولد عكاشة فى 27 يوليو من عام 1941، وحصل على ليسانس الآداب من قسم الدراسات النفسية والاجتماعية بجامعة عين شمس، وعمل بعد تخرجه أخصائيا اجتماعيا فى مؤسسة لرعاية الأحداث، ثم مدرسا فى مدرسة بمحافظة أسيوط، كما عمل أخصائى اجتماعى فى رعاية الشباب بجامعة الأزهر.
كل هذه الخبرات أكسبته القدرة على التعرف والتعامل مع البشر ودراسة النفس البشرية ومعرفة نقاط ضعفها وقوتها ليجمع كل هذا مع حصيلة ثقافة وقراءة فى تاريخ مصر أكسبته القدرة على ربط العام بالخاص ومعرفة تأثيرات التاريخ والجغرافيا على البشر، ليترجم كل هذا فى أعمال معجونة بالفكر والعمق والمبادئ والإنسانية والمشاعر، وفى كل هذه الأعمال كان أسامة أنور عكاشة قادرا على قراءة الماضى وتجسيد الواقع والتنبؤ بالمستقبل.