نجيب الريحانى كان موهبة استثنائية، وفنانا أصيلا لديه رسالة حقيقية، ومن خلال تلك الرسالة استطاع أن ينتزع تقدير الجميع وحبهم، فلم يكن يوما ممثلا عاديا بل أطلق عليه الفيلسوف، ولكنه كافح كثيرا ومر بالكثير من العقبات خلال مشواره الفن، ففى بداية حياته قرر ترك الوظيفة الحكومية التى تمناها جميع أبناء جيله من أجل الفن والمسرح مما جعل من حوله يتهمونه بالجنون ولكنه لم يكترث لما يقولنا وقرر النزول للقاهرة ليبدأ مشواره الفنى.
هبط الريحانى مع صديقه عزيز عيد الذى قد ترك نفس الوظيفة أيضا على مقهى برنتانيا بشارع عماد الدين وكان يعرف حينها بمقهى الفنانين، وقام صاحب المقهى بتأجير اهم مسرح الشانزلزيه وكان أشبه بالچراچ ولم يكن مجهز تماما، وبسبب ضعف إمكانيتهم قرروا مع الفرقة التى كونها أغرب قرار وكان "على المتفرج إحضار كرسيه معه" بعد ذلك انتقل الريحانى لمسرح بريتانيا مكان سينما كايرو بلاس بشارع عماد الدين، وكان ذلك نقطة تحول فى حياة نجيب الريحانى حيث انضم لفرقته بديع خيرى.
لم يكن بديع خيرى مجرد عضو من أعضاء الفرقة بل أصبح صديق نجيب المقرب وشريك كفاحه فى الفن، وكان نجيب يعتقد أنه مسيحى مثله إلى أن توفت والدة بديع وذهب نجيب ليقف بجانب صديقه الوحيد فى هذا الموقف ويأذره وكانت المفاجأة حيث وجد الشيخ محمد رفعت الذى كان مقرئ العزاء فذهب على الفور لصديقه وقال له لماذا لا تخبرنى بأنك مسلم فرد عليه بديع قائلا لأنك لم تسألنى، قدم الريحانى العديد من المسرحيات من تأليف بديع وكانت من أنجح مسرحياته مثل "لما يدلع، حسن ومرقص وكوهين" وغيرها التى كانت تناقش قضايا المجتمع.
برع نجيب فى المسرح الاستعراضى وكان أول من استعان براقصات أجانب، وكان من أشهر الشخصيات التى قدمها الريحانى هى شخصية "كشكش بيه" وهو عمدة ريفى، وكانت أول مسرحية من إخراجه "تعاليلى يابطة" ثم توالت الأعمال المسرحية الناجحة مثل "بستة ريال، بكرة فى المشمش، أديلو جامد، أبقى قابلنى، كشك فى باريس " وبعد نجاح تلك المرحلة بدأ مرحلة جديدة فى المسرح بعروض مسرحية جريئة وكانت البداية مسرحية " العشرة الطيبة " ولكنها لم تحظى على نفس النجاح السابق بل أنتقده الكثيرون بسببها الأمر الذى جعله يشعر بالإحباط.
توفى الريحانى فى مثل هذا اليوم، وترك قصره الكبير والذى كان قد بناه على أحسن تصاميم وكان يقع فى منطقة قوت القلوب، وصار هذا القصر ملك وزارة الثقافة، وكانت أمنية نجيب أن يصبح قصره مسرحا كبيرا ومأوى لكل الفنانين.
نجيب الريحاني