لكى تكون إنسانا يجب أن تحدد لنفسك اتجاها ولا تقف فيه .. يجب أن تتحرك فى الاتجاه الذى تختاره .. إن الحركة هى الحياة .. وقديما قالوا: "فأر متحرك خير من أسد رابط" .. إن الذين لا يعرفون لهم اتجاها فى الحياة ليسوا أناسًا ربما يكونوا قطع "جماد" .. الإنسان يجب أن يتحرك قبل أن يلتهمه "الزمن" هذا الوحش الكاسر الذى لا يقدر عليه أحد .. يسير فى طريقه حتى وإن رجع مهزومًا مكسور الوجدان مثل عبد الحليم حافظ ونزار قبانى.
لكن ما الذى يربط بين اتجاهات الإنسان وطموحه فى الحياة بكوبليه شهير فى قصيدة "قارئة الفنجان" كتبه الشاعر الكبير نزار قبانى وأنشده العندليب عبد الحليم حافظ، يقول: "وسترجع يوما يا ولدى مهزومًا مكسور الوجدان، وستعرف بعد رحيل العمر أنك كنت تطارد خيط دخان"؟ .. ولماذا وجدتنى أستشهد به فى الحديث عن اتجاهات الإنسان وطموحه؟! .. هل هو الخوف من مصير بطل القصيدة؟ .. إن مصير العندليب والشاعر الكبير كان جميلا.
عبد الحليم حافظ
الكوبليه لا أكرهه لأننى أحب القصيدة بحذافيرها .. الأبيات التى غناها العندليب والأخرى هى التى أستبعدها .. لكنى لا أحبه ولن أحبه .. أخاف منه وأتحاشاه.. أخشى أن أرجع ذات يوم مهزومًا مكسور الوجدان .. إن هذا الإحساس قاس وصعب ومرهق .. العندليب نفسه خاف منه، ففى أيامه الأخيرة وهو يتلقى علاجه فى لندن كان يستمع إلى هذا الكوبليه داخل غرفته ويضع يده على رأسه فى حزن شديد، حتى إن صديقه مجدى العمروسى أخذ "الكاسيت" وحرمه من الاستماع لـ"قارئة الفنجان" ليهدأ نفسيًّا.
العباس السكرى
ربما أكون أكثر تعقيدًا عندما أربط مصير الإنسان بكوبليه فى قصيدة شهيرة .. لكن ربما أكون منصفًا إذا قلت إن الإنسان الصحيح سيظل يستخدم علامات استفهام مثل (لماذا، كيف، لِمَ)، وهى أشد قسوة من مفردات كوبليه "وسترجع يوما يا ولدى مهزوما مكسور الوجدان"، كلما حاول أن يعرف من أين وإلى أين.